إن اللقاء مع الأستاذ سلطان المقطري بما ينطوي عليه من معان تحمل خبرات وتجارب أعوام عديدة، لهو لقاء جميل مفيد، لقاء تعيشه مع المقطري الخطاط، والمصمم، والمبدع التيبوغرافي لأكثر من (70) خطاً طباعياً عربياً …
لقد كان مجال تصميم الخطوط الطباعية من المجالات البارزة التي كان له فيه أفضل باع، وميزته عن غيره، بقوة أدائها، وجمال فكرتها، مما منحه الفوز ببعض الجوائز العالمية، وجعلته أن يكون أحد أبرز أعلام هذا المجال.
تعرفت عبر الأثير إليه، فوجدته مخلصاً لعشقه الكبير وهو الخط العربي، والخطوط الطباعية … واعياً له، مجداً، صبوراً، وأكثر من يميزه أنه يعمل بصمت دون كلل أو ملل ليصل إلى غايته الأبرز، وهي إنجاز خط الرقعة الحاسوبي الذي يعكف على العمل فيه منذ سنوات …فأحببت لقاؤه … لأنهل من خبراته، وأستزيد من علمه …فحملت أسئلتي إليه، فأجاب عليها مشكوراً …
س/ هل لك أن تحدثنا عن البداية والجذور؟
ج/ ولدت في مدينة عدن- اليمن، وبحكم الظروف، لم يكن هناك معهداً أو مدرسة أو أستاذ لتعليم الخط العربي كفن بحد ذاته، ومنذ الصغر كانت تستهويني -كالكثير من أترابي- الحروف الجميلة البعيدة عن الحروف الرتيبة للكتاب المدرسي، كما استرعت اهتمامي كتابات أساتذة اللغة العربية بخطي الرقعة والنسخ، والكلمات التي تتزين بها الأطالس الجغرافية العربية بانسيابية وثقة حروفها …
اقتنيت العديد من الكراسات، وقرأت مخطوطات العديد من مبدعي الحرف العربي، وصنعت أقلامي بيدي، تعلمت الخط مع الكثير من المحاكات لأعمال خطية، وتمارين في الخطوط العربية المشهورة، ففي المدرسة شاركت في العديد من المعارض الفنية والخطية المدرسية، سودت وسائل إيضاحية ومجلات حائطية، وفي الكلية كتبت الوسائل التعليمية للكثير من القاعات الدراسية، وقد نحت إسمي في لائحة الشرف ضمن أوائل الطلاب الخريجين. أنشأت مكتباً للدعاية والإعلان مستفيدا من إمكاناتي المتواضعة في الخط العربي، وتصميم اللوحة الإعلانية،كتبت على القماش والحجر والحديد والبلاستيك والورق المقوى بالحبر والطلاء والطباشير، ونحت حرفي بالآركيت اليدوي، والمنشار الكهربائي، استمتعت كثيراً بالعمل اليدوي، وفي منتصف التسعينات من القرن الماضي،أدخلت الحاسوب إلى مكتبي،وكانت الانطلاقة نحو الحرف الطباعي من التجربة مع خطوط الحاسوب التي لا تروقني في عملي، فدرست مثالبها، وبدأت أؤسس لتجربتي الخاصة مع دراستي لتجارب المبدعين في هذا الحقل،فبالملاحظة والممارسة والإتقان يولد الإبداع،المتكئ على الإلهاموالعمل دون قيود.
س/ إذن فأنتم لكم دراية بالخط العربي التقليدي، بالتالي هناك أرض خصبة لديكم، إذ تعلمتم بعض أصول الخط العربي قبل الاتجاه إلى تصميم الخطوط الطباعية، ترى هل يجب على مصمم الخطوط العربية اتقان الخط العربي كتابة، قبل المضي بتصميم الخطوط الطباعية؟
ج/ إن تجويد الخط- أي خط – يدور في فلك ما كان، أي انه تكرار واجترار، فالحرف هو الحرف ويترك للخطاطمسألة اللعب على التراكيب في مخطوطته وحلياته، أما تجديد الخط فبحاجة إلى القفز نحو فضاءات جديدة، واجتراح حروف غير مسبوقة، ومصممو الحرف الطباعيهم طبقة جديدة في أدمة الإبداع الفني،تستخدم الحاسوب كامتداد ليدها بدلا من اليراع والدواة، مستلهمة كل الإرث الخصب لمن سبقوها ومعاصريها من طبقة الخطاطين اليدويين، ومسألة الاتقان لأية حرفة هي ضرورة منهجية، لايهم أن يكون الشخص بعينه يتقن الكتابة، ولكن الأهمأنالحروف المنجزة في الخط الطباعي تنم عن اتقان للصناعة،وملبية للمعايير التقنية والجمالية في نهاية الأمر.إن ثنائية التجويد والتجديد هي سر تطور أي فن مهما تنوعت الأدوات والغايات.
س/ الكثير من الخطاطين العرب يعتقدون أن الحرف الطباعي العربي (Font) يُعد إساءة بالغة للخط العربي وأسسه السليمة. هل تعتقد أن هذا الكلام صحيح؟ وما رأيك بذلك؟ وهل تعتقد أن سبب ذلك يعود إلى انتشار مجموعة من الخطوط الرديئة التي أنشأها مجموعة من الهواة، أم أن أداء الحرف الطباعي العربي الناشئ قد ابتعد كثيرًا عن أسس الخط العربي؟
ج/ غير صحيح، هذا طرح يناقض منطق الصيرورة، فعجلة التطور لا يمكن أبداً أن تعود الى الوراء، فكل تطور في وسائل الانتاج وأدوات العمل يقابله تطور في المجال المعرفي والعلمي والثقافي، نحن الآن في العصر الرقمي بكل تجلياته،ولقد تأخرنا كثيراً في مجال الخطوط الرقمية. والحقيقة أن كلمات أو آراء كهذه لن توقف السيل الجارف من الخطوط الرقمية على مستوى العالمأبداً، ففي كل صناعة ومهنة يوجد هواة ومحترفون ومبدعون كبار، كل ما في الأمر هو أنه لم يصار بعد الى الصيغة المثلى لإجازة الخطوط الحاسوبية بين مبدعي الخطوط الرقمية العربية، ومنتجي التطبيقات المهيمنة على سوق الحواسيب، والوسائط الرقمية. ومهما تكلمنا عن خطوط الحاسوب العربية.. فلن نبلغ هدفنا إلا بمعرفة طبيعة الحاسوب نفسه من حيث تعامله مع الحرف العربي، فكما نعرف بأن الشركات والجهات الغربية هي أول من تصدر لتعريب خطوط الحاسوب، فالشركات كانت تهدف لتوسيع أسواقها فقط، وسبقتها الجهات التبشيرية بهدف زيادة رقعة مريديها غير آبهة بجمالية الحرف العربي .. وقد دخل الحرف العربي الحاسوب معتمداً في البدء على خط النسخ دون سواه بشكل فج مريع لا تربطه أية صلة بما وصل إليه الخط العربي اليدوي من كمال الهيئة، وثراء التنوع، وعبقرية التركيب، متجاوزاً كل أنواع الكتابة في العالم من غربية وشرقية، فكانت أمتنا العربية والإسلامية هي أمة القلم دون منازع .. ولا زالت، وستبقى!! والمخرج لتطوير حروف الحاسوب العربية يتطلب حميمية العمل بين الخطاط المجيد والمصمم المثابر والمبرمج الحريص .. أي باختصار العمل كفريق كامل. وتبذل حالياً محاولات جادة لتطوير هيئة الحرف الطباعي، وموائمته لخط اليد، والسعي لردم الهوة بينهما. ومن بينها محاولاتنا لتصميم خط الرقعة الحاسوبي، وكذلك خط النسخ.
س/ خط المسند الحميري، منبعه اليمن، حيث الحضارات الزاخرة، وهناك أقوال تعيد كل أصول الخط العربي إليه، فما رأيكم أنتم؟
ج/ للمسند 29حرفاً, أي انه يزيد عن الأبجدية العربية الحالية بحرف واحد، وهو ما بين السين والشين, وأوجه الفرق بين المسند والخط العربي الحالي أن المسند يكتب منفصلاً غير مترابط، أي أن حروفه لا تلتقي، ولا يتغير شكل الحرف بحسب موضعه في الكلمة غير أن اتجاه بعض الأحرف يتغير وفقاً لبدء الكتابة, وكتابة المسند إما بارزة أو غائرة؛ فالكتابة البارزة للأعمال الجليلة، والكتابة الغائرة للاعتيادية، ومواد كتابة المسند كانت الحجارة والصخر والخشب والمعادن، وفي سياق تطوره ظهرت تجليات المسند في القلم اللحياني، والقلم الثمودي، والقلم الصفوي، والتي أحدثت فيه من التعديل والتغيير. كما ولد عن المسند القلم الحبشي. وبالنسبة لمكانته لدى عرب الجزيرة، فمثلما ننظر نحن اليوم للإنترنت وماله من دور في التواصل الحضاري؛ نظر عرب الجزيرة إلى خط المسند الذي كان قلمهم الوطني دون منازع حتى فجر الإسلام, فلقد استخدمه الإنسان في كل أنحاء بلاد العرب في وطنهم وخارجة, فلقد كان أداة سجلهم وقلم أمجادهم وحاضنة تاريخهم.
س/ قمتم بإحياء هذا الخط حاسوبياً، ترى ما هو الغرض من هذا الإحياء …
ج/ بمبادرة مني وتحت رعاية جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية تم إدراج الكتابة الحميرية في الشفرة الدولية الموحدة (اليونيكود Unicode) في فبراير (2007).
وبهذا التشفير تكون الكتابة الحميرية قد شغلت مكانها اللائق في المجتمع الرقمي العالمي، وتساهم في رفد المكتبة الجامعية الرقمية في كل أنحاء العالم، ودعم النشر الالكتروني المستخدم في طياته حروف المسند الحميري على نطاق واسع، ودعم قاعدة البيانات الالكترونية والتناقل السريع لنصوص المسند على شبكة الانترنت.
وبنقل الكتابة الحميرية إلى الاستخدام الرقمي على نطاق عالمي نكون قد أسهمنا في ربط الجسور بين منطقة شهدت أبرز حضارات العالم، وبين حاجات المعرفة العلمية والإنسانية المتجددة على الدوام.
إن مشروعنا تضمن عناوين أبرزها الخلفية التاريخية، نمط الكتابة، أسماء الحروف، الترتيب الأبجدي، الأرقام، ومقترح التشفير.
كما أنه مر بمستويات عديدة شملت: البحث النظري، والتحقق الميداني الواسع من تنوعات النقوش في المنطقة وخارجها، والمعالجة التقنية، وتصميم الحروف الرقمية المعيارية الممثلة للتجليات التاريخية لحروف المسند، كما خضع لجملة من اللقاءات مع المختصين في الحقل، والمتابعة الإدارية والمراسلات الالكترونية.
قمت بهذا العمل مجاناً، وأهديت هذا الإنجاز إلى الجامعات والباحثين والدارسين والمهتمين فب هذا المجال.
س/ نعود الآن إلى خط الرقعة: لماذا حوسبة خط الرقعة؟
حوسبة خط الرقعة تحدي جدي لمن يقدم عليه .. لم أجد خطاً محوسباً اهتم بالمتطلبات الجمالية لخط الرقعة، بالرغم من كثرة التجارب وتعدد المشاريع الرقمية .. وكل ما في الأمر أن المسالة استهوتني شخصياً، ولم تكن بطلب من جهة أو شخص آخر .. وهي في بالمقام الأول تحدي شخصي وضعت نفسي فيه، ومن خلفي بطريقة غير مباشرة، وضع هذا الخط اليدوي كل ما توصلت إليه تكنولوجيا المعلومات أمام اختبار حقيقي وهو الإجابة عن سؤالك، هل يمكن أن ننتج خط رقعة حاسوبي حقيقي للاستخدام العام في كل التطبيقات، والمنصات بدون الحاجة إلى المحركات الخاصة بما لها وعليها؟ لقد سارت العملية في طريق متعرج من التقدم والإخفاقات الكثيرة .. حقاً لقد بلغت فيه مبلغاً مرضياً حتى الآن, ولكن ما يشوبه حتى الآن هو التموضع الرأسي الفاضح عند بعض تراكيب الكلمات، مما يخل بنسق السطر وتماسكه البصري. ولن يقف الأمر عند هذا .. فقد نعود إلى ضبط تركيب الحروف الراسية بما لا يزيد عن ثلاثة عن خط الأساس في المقطع الواحد .. وكما أسلفت التحدي جدي وحقيقي .. خاصة وأنت تهدف إلى صنع خط للعموم يسهل استخدامه في أي تطبيق .
س/ يوجد في الساحة العربية والعالمية بعض المحاولات لحوسبة خط الرقعة، مثل خط نديم لديوان، خط الرقعة لتصميم … وغيرها ما هو الذي يميز خطكم عن غيره.
ج/ يتميز خط الرقعة عندي بالتالي:
– رسمت حروف تعويضية للمحارف بما يناسب السياق الفني لخط الرقعة.
– مكنت كل حرف متصل من التموضع النموذجي، لينساب ويلتحم بسابقه أو لاحقه بسلاسة.
– قسمت حروف الرقعة المبتدئة والمتوسطة الموحدة في رسمها، وبنائها البصري عند مواضع الاتصال مع حروف تليها إلى مجموعات ثمان.
فالاقتراب من بناء خط رقعة رقمي بمستوى جيد لم يكن في التقسيم إلى مجموعات متجانسة فحسب، بل في ابتداع رسم نهايات الحروف عند مواضع الاتصال؛يأخذ الحرف السابق أقصى انسياب له لملاقاة الحرف اللاحق؛وتنفي معانقة الحرف اللاحق لسابقه أي ربط قسري بينهما.
عند التصميم تمت مراعاة المتطلبات الجمالية لبنية كل حرف كالقياس بالنقطة وضوابط والصعود والنزول والاستلقاء وغيرها.
ولا زلت أعيد عليه وأراجعه رغبة أن يرى النور على الوجه الذي أحبه، والذي يحقق الهدف الذي أصبو إليه وهو حوسبة خط الرقعة بطريقة تقترب إلى الكتابة اليدوية بدرجة عالية من الدقة.
س/ نعلم أنه هناك العديد من طرق كتابة خط الرقعة، كأن نقول خط الرقعة المصري، والتركي، والبغدادي، أو نقول خط الرقعة المشبك، أو المفرق، أو المرسل … فإلى أي نوع ينتمي خطكم؟
ج/ لم تكن تجربتي مع خط الرقعة الحاسوبي تصويراً مباشراً لنوع من الخطوط، بل أخذت بالاعتبار تجارب العديد من الكتابات اليدوية بخط الرقعة، فالمدرسة التركية فيها تراكيب جمالية كثيرة، والمسافات بين الحروف واسعة. والمدرسة البغدادية والمصرية تتسم بالتبسيط، وتقارب الحروف. وبين هاتين المدرستين حفلت الساحة الخطية بمخطوطات وكراسات تعليمية عديدة،ولقد درست تجارب المعاصرين في تصميم خط الرقعة،واعتمدت على تجربتي الشخصية في الكتابة اليدوية لخط الرقعة، فنتج عن ذلك قلمين رقميين: الأول: عادي بسمك الحرف العربي المعتمد على النقاط في رسمه، والثاني: رقعة بحروف مرسلة، الى جانب حرف نحيف يحاكي القلم الرصاص أو قلم الحبر المعتمد على السن الكروي، جرى تصميمه لإحدى الجامعات البريطانية ليستخدم في الوسائل التعليمية الرقمية بهدف تعليم الكتابة اليدوية بحروف خط الرقعة.
س/ ترى ما هي البرامج التي استخدمتها لإنجاز عملك، وهل من طريقة أخرى استند عليها عملك؟
ج/ كأي مصمم استخدمت برنامج Adobe Illustrator في رسم الحروف، وبرنامج Font Creator لتنظيمها وفق خارطة المحارف، وبرنامجMicrosoft VOLT لوضع البرمجة الخاصة بالتموضع والابدال.
س/ ما هي الصعوبات التي واجهتك أثناء عملية التصميم والبرمجة؟
ج/ كل الصعوبات كانت ذاتية بحتة ناتجة عن استخدام طريقة التجربة والخطأ في درب غير مطروق، من زاوية مراعاة الأصول الجمالية لخط الرقعة، وتحدي القيود التقنية للبرامج المستخدمة، حقاً لقد كانت تجربة ممتعة ومفيدة لي شخصياً ستمكنني من البناء عليها في مشاريع قادمة.
س/ ما هي الحلول التي تقترحونها لبرنامج فونت لاب (FontLab) أو فونت كريتور (FontCreator) أو فولت (MS Volt) من أجل توليفهما لاستخدام أكبر في خدمة الحرف العربي؟
يعد تصميم الخطوط العربية باستخدام برامج مخصصة للحرف اللاتيني هو تحدي بحد ذاته للمصممين من أين أتوا، إلى جانب تحدي الجمالية وقواعدها الصارمة، والمقروئية وضروراتها العملية، نرى أهمية اخذ الخصوصية للحرف العربي، كمعطى جمالي وعملي، والذي سعت للاهتمام به برامج مثل: تصميم، ومير عماد، ولكنها لا تحظى بشعبية واسعة بسبب تقوقعها في التعامل مع الحرف لدى فئة قليلة من المستخدمين.
س/ تحدثنا عن خط الرقعة … ولكن لم نتحدث عن مجموعة خطوطك الأخرى … حيث نجد أنك قمت بالتنوع بين الخطوط الكوفية، والحديثة، وخطوط العناوين الخطوط النسخية … فما سر هذا التنوع؟
ج/ لا يوجد ذلك السر، فالأمر طبيعي جداَ، فكما تتنوع الأغراض والأعمال والوسائل في الطباعة والعرض الرقمي، تتنوع الخطوط الحاسوبية، ونحن بحاجة للمزيد من الإثراء والتنوع على الدوام.
س/ أي خطوطك تجده الأحب إلى قلبك، وما سر هذا الحب … وما هو الخط الذي نال نصيباً أكبر من الجهد والإبداع؟
ج/ أنا لا أميز بين خطوطي الطباعية، فلكل منها حالته الفنية والتقنية الخاصة به، فمنها من كان ابن يوم واحد، ومنها من بقيت أعمل عليه لأعوام متقطعة، ومن الخطوط من تعسرت ولادته إلى اليوم بالرغم من بدء مشروعه قبل انجاز الكثير من الخطوط.
إن أكثر الخطوط الطباعية الذي أخذ من الجهد مني حتى الآن، هو: خط الرقعة الحاسوبي، فقد تميز بالعمل عليه على مراحل غير مخططة مسبقاً من حيث الوقت ، فكانت مهلة مفتوحة، بسبب تعدد الخيارات في أبدال الحروف، لم أكن قد اهتديت إلى حلول لها من قبل! لقد أنجز هذا الخط، ولكني أضعه على الدوام تحت عناية التدقيق والتصويب بشكل مستمر، بسبب أن جمالية الخط في الكتابة اليدوية لا يدانيها خط الرقعة الحاسوبي على مستوى السطر والجملة حتى اليوم.
س/ سبق أن فزت بالجائزة الأولى في مسابقة لاينوتايب للخط العربي عن خطين من فئتي العناوين والسطر … ما شعورك عندما فزت، وهل شكل هذا الفوز علامة فارقة في مسيرتك؟
ج/ المشاركة في هذه المسابقة الدولية كانت بداية للعمل تحت الأضواء، وهي خطوة تراكمية مهمة في مسيرة العمل مع الحرف، تعرفت خلالها مباشرة ووجهاً لوجه على مصممي ومروجي الخطوط من مختلف القارات، وربطتني بكثير منهم علاقات حتى اليوم، أما الفوز من أساسه لم يكن في حسابي أبداً, ولكني فوجئت أثناء حفل العشاء في الجميرة بدبي بنيل المركز الأول… فقد كانت لحظة رائعة امتزجت بها دموع الفرح مع رائحة الورد، مع عبق الجائزة، مع حرارة التهاني والتبريكات … كانت لحظات لا توصف … أحسست فعلاً بأنني أنجزت شيئاً وأن جهد السنوات الماضية من الدراسة والتعب لم يذهب سدى، بل سيشكل إن شاء الله بداية الطريق نحو إبداع متواصل ….
س/ ما رأيك بواقع الخطوط العربية الطباعية، في ظل انعدام المسابقات، وعدم اهتمام الجهات العربية بتفعيل ذلك؟
ج/ المسابقات ضرورية ومهمة، وتلعب دور المنشط للموجودين من المصممين المعروفين، والمساعد في كشف نجوم وإبداعات جديدة مغمورة، وكما هي العادة تكون المصلحة مخفية خلف منظمي المسابقات من هذا النوع, فالحكومات والقطاع الخاص لدينا، لم تصل بعد إلى توصيف مهنة المصمم الرقمي،أو مصمم الجرافيك، ولا يوجد اعتراف بتصميم خطوط الحاسوب كصناعة، طالما الحواسيب والوسائط الرقمية تأتي من خارج الحدود، ستأتي معها خطوط الحاسوب من هناك بالتبعية، ولا ضير لديها في ذلك.
س/ ما رأيك بعمليات المزاوجة بين الخط اللاتيني والخط العربي لإنتاج خطوط معاصرة تخدم البيئتين معاً، ما أوجه القصور والفائدة من ذلك؟
ج/ الخطوط هي فن بصري بالدرجة الأولى والمزاوجة التيبوغرافية ضرورة جمالية وعملية عند تنفيذ مشروع متعدد الكتابات في الطباعة والإعلام والإعلان. كما أن الانتقال الى فضاءات جديدة من العمل والإبداع يخدم كل من اللغتين موضوع المزاوجة ، ولا أقصر الامر على العربي واللاتيني، طالما تقيد المصمم بالمعايير الجمالية والتقنية في انتاج خطه الجديد. فلا قيود على الإبداع طالما نرتقي معه وبه سلم الحضارة الانسانية.
س/ يوجد على الساحة العربية والأجنبية العديد من المصممين العرب والأجانب الذي قاموا بتصميم خطوط طباعية عربية، ما رأيك بنتاجاتهم … وهل من وجوه واعدة؟
ج/ تعجبني عبقرية توماس ميلو وجهوده تجاه الخط العربي، والذي راسلني مهنئاً على خط الرقعة، فكتب يقول:
(Dear Sultan, Congratulations with your new typeface. This is well-researched and the absolute best Ruq`ah typeface made with Opentype to date. With best regards, Thomas Milo)
وتذهلني دقة ورصانة د. مأمون صقال، وأحترم كل من خدم الحرف الطباعي العربي وقدم فكرة وحرفاً جديداً، وأشجع كل من لديه رغبة في الانضمام الى فريق صناع الحرف.
س/ هناك نقص في المواد التعليمية لتصميم الخطوط الطباعية العربية مقارنة بالحال للخطوط الطباعية اللاتينية، ترى لماذا هذه الظاهرة، وهل من أفكار لوضع دروس تعليمية أو كتب ما لتطوير ذلك …
ج/ مع وجود الانترنت وتنوع مصادر المعرفة، ويسر الترجمة، لا يوجد من يحتكر العلم والدربة، وإن قلت المصادر المطبوعة على الورق.فمن يريد لن تعجزه الوسيلة، مع إيماننا بأهمية وضع الدروس، وإلقاء المحاضرات، وعقد ورش العمل وتنظيم المسابقات، وتأليف المراجع المتخصصة وصولاًإلى إنشاء صروح أكاديمية لتعليم هذه الصناعة والفن.
س/ ما رأيك بقرصنة الخطوط العربية، حيث تعرضت العديد من خطوطك العربية لعمليات القرصنة، وما هي الحلول التي يمكن وضعها للحد من ذلك؟
ج/ لا طائل من الحديث هنا، فالأمر مرده للجهل واستسهال الأمر، والحل في تمويل مشاريع الخطوط من قبل القادرين من أين أتوا ، وتشريع تجريم القرصنة، وحماية الحقوق الفكرية والأدبية.
س/ ما رأيك تجارياً بحركة البيع لخطوطك، ومحاولتك وضع مع الشركات الأجنبية، أيها أفضل، وأيها الأكثر فائدة من الناحية التجارية؟
ج/ لا يوجد لدي أي تعامل تجاري مع أحد .. فلدي بعض الخطوط عند المذكورين لم يتجاوز اجمالي ما جنيت منهم خلال سبع سنوات المئة يورو، عن أية شركات وتجارة نتحدث، فالحديث عن العائد المادي من الخط الطباعي يأتي في المرتبة البعيدة من القائمة، عند ذكر الشركات! وحتى الآن التعامل الفردي يظل هو الأفضل والاسرع لدي، ويأتيني بالتغذية الراجعة سريعاً لتدقيق وتحسين الخطوط لمصلحة الطرفين.
س/ كلمة أخيرة، لعشاق الخطوط الطباعية، ما هي نصائح خبير مثلكم لهم؟
ج/ لاكتساب مهارة التصميم على الشباب من مصممي الخطوط امتلاك مهارة التفكير النقدي، وفهم مبادئ التصميم (التوازن والتناسب، الإيقاع، والتركيز، والوحدة)، الالمام بتاريخ الخط والتصميم الطباعي، الاستعداد الدائم للتعلم، الاتصال المستمر بالوسط الإبداعي، والتحلي بأخلاقيات العمل والصبر.
وللتعرف إلى خط الرقعة المحوسب، وطريقة برمجته … يرجى تنزيل البحث من هنـــــــا
عن الأستاذ سلطان المقطري/
الإسم: سلطان محمد سعيد نعمان
العنوان: عدن المنصورة
التخرج: أكاديمية العلوم السياسية والعسكرية التابعة لوزارة الدفاع الروسية – موسكو (1988- 1992)
المؤهلات: ماجستير في علم الاجتماع (بدرجة امتياز)
موبايل: 777351925 00967
الموقع الإلكتروني: www.sultanfonts.com
البريد الإلكتروني: s.maktari@gmail.com
الدراسات وأبرز الأعمال:
– تصميم وإدراج الكتابة العربية الجنوبية (المسند) في الشفرة الدولية الموحدة- اليونيكود (قسم اللغة – جامعة كاليفورنيا) (2007)
– تطوير أكثر من (70) خط حاسوبي عربي للنصوص والعناوين والعرض والويب (2000-2012)
– كتاب خطوط سلطان (2009)
– دراسة – نافذة على تصميم خط طباعي عربي (2011)
– تطوير خط نسخ حاسوبي يحاكي خط اليد للنشر القرآني والأعمال الأدبية (2008-2011)
– دراسة بحثية – تطوير خط الرقعة الحاسوبي : طريقة مبتكرة في الطباعة العربية (2012)
– تحكيم علمي لدراسات وبحوث في مجال التايبوغرافيا ( مكتبة الإسكندرية) (2012)
– استشارات علمية لجامعة كامبريدج عن الكتابة اليدوية العربية (2012)
– تدريس تصميم الجرافيك في: – جامعة العلوم والتكنولوجيا، المعهد العام للاتصالات (سيسكو)، معهد نيو هورايزونس، معهد بلفقيه للغات والكمبيوتر.
– العديد من اللوحات والأعمال الفنية الرقمية (موقع خطوط سلطان و فليكر و الفيس بوك)
أهم الجوائز:
– شهادة تقدير من جامعة عدن عن تصميم الخط الحاسوبي العربي الجنوبي (المسند) (2006)
– جائزة المركز الأول للنصوص في ا لمسابقة الدولية لتصميم الخطوط الحاسوبية في دبي (2006)
– جائزة المركز الثاني للعناوين في المسابقة الدولية لتصميم الخطوط الحاسوبية في دبي (2006)
– ميدالية من الملتقى الرابع للخط العربي في الشارقة (2010)
– شهادة تقدير من ملتقى مجمع الملك فهد لأشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم (2011)
أهم المؤتمرات و المشاركات:
– دبي: مؤتمر الخط والحرف الطباعي العربي (كتابات 2006 )، الجامعة الأمريكية- دبي
– كاليفورنيا: إدراج الكتابة العربية الجنوبية (المسند) في الشفرة الدولية الموحدة (قسم اللغة جامعة كاليفورنيا (2007 ) مشاركة بحثية بالتراسل إلى جانب التقصي الميداني
– الشارقة: الملتقى الرابع لفن الخط العربي (2010) معرض فردي من عشر لوحات رقمية
– الشارقة: الملتقى الرابع لفن الخط العربي (2010) عرض تقديمي حول تطوير خط النسخ الحاسوبي
– المدينة المنورة: ملتقى جمع الملك فهد لأشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم (2011) ورشتي عمل عن تطوير خطوط الحاسوب.
من إبداعات الأستاذ سلطان المقطري/