لم يقف التعامل العثماني مع الخط العربي عند حدود تجويد موروثه الفني والتاريخي الذي استقبلته المدرسة الخطية العثمانية من المدرستين البغدادية والمصرية فحسب، بل كان للمدرسة العثماني أيضاً مبتكراتها الفنية الخاصة التي شكلت إضافات نوعية إلى التاريخ الفني للخط، في القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي).
وقد نما هذا التجويد والابتكار بعناية الدولة العثمانية، فنشأت خطوط جديدة عثمانية خالصة، اسماً وأسلوباً ووظيفة، فضلاً عن مبتكريها، وهذه الخطوط هي: الديواني، جلي الديواني، على الرغم من أن تسلسلاً تاريخياً لظهورها على مسرح التداول الوظيفي والفني (من قبل الدولة العثمانية إلى حين ظهورها)، يمكن أن يقيم هذه الأهمية على هذا النحو أيضاً.
ويعتبر الخط الديواني من الخطوط الجميلة، قديم المنشأ عثماني الأصل، إذ يعتبر هذا النوع من الخط عند العثمانيين خط الديوان الهمايوني السلطاني للحكومة العثمانية.
وُجد هذا الخط عندما فضلت بعض الدول الإسلامية استخدام الخط (التوقيعي) خطاً رسمياً حتى القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي) من بين الأقلام الستة، وهي: الثلث، النسخ، المحقق، الريحاني، التوقيع، الرقاع، والتي وضع مقاييسها ابن مقلة، ومع مرور الزمن تعرضت تلك الخطوط إلى تحولات في بلاد فارس، واُستنبط منها نوع جديد عُرف باسم (التعليق القديم) في القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي)، وقد أخذت الدول التي حكمت فارس باستخدام التعليق القديم في مراسلاتها الرسمية. ومراعاة لاستخدام المصطلحات على نحو سليم، تجدر الإشارة إلى أن خط التعليق القديم قد تطور مع الزمن، فنشأ عنه في بلاد فارس ما عُرف بخط (نسخ تعليق) وتسهيلاً للفظ، فقد أطلق عليه (نستعليق)، وقد استحسن العثمانيون خط النستعليق، وأخذوا بكتابته ابتداءً من النصف الثاني للقرن الخامس عشر الميلادي، إلا أنهم فضلوا تسميته (تعليق). وعندما خسرت دولة الخروف الأبيض (آق قوينلو) التركمانية، التي كانت تمثل احدى تلك الدول، معركة (اوتلق بلي) التي خاضتها مع الدولة العثماني عام (872 هـ-1473م)، قام السلطان العثماني (محمد الفاتح) باستقدام أرباب الفنون والحرف من قصر دولة الخروف الأبيض إلى اسطنبول، وبذلك انتقل التعليق القديم إليها، وكان العثمانيون حتى ذلك الوقت يستخدمون الخط التوقيعي في مراسلات الدولة، وخط الرقاع في النصوص الطويلة، وكانت تلك الخطوط في الأصل تمثل نقطة البداية في ظهور خط التعليق القديم.
ثم أصبح لدى كتاب الديوان العثماني خطاً جديداً ناجماً عن تعرض التعليق القديم لتحولات في الشكل، وأطلق عليه في البداية اسم الخط الديواني، وأول من وضع قواعده “ابراهيم منيف” بعد فتح القسطنطينية عام (857هـ- 1453م) ببضع سنين، وبقى العمل به مستمراً في دوائر الدولة العثماني حتى استبدل الأتراك الخط العربي بالحروف اللاتينية.
وقد تبعت مصر الملكية فيما بعد السلطة العثماني في هذا النهج، فاستعمل في اصدار الإنعامات، والشعارات وبعض الأوامر الملكية الأخرى، كما استعمل للكتابة في أسفل الطغراوات.
وفي مقابل كتابة هذا النوع من الخط من دون تشكيل، فقد برز -رغم شكله البدائي- الخط الديواني الجلي في أواخر القرن التاسع الهجري (القرن الخامس عشر الميلادي) باستخدام الحركات، وإشارات ملء الفراغات فيه، وكتب على شكل قنوات. ومع أن كلمة (جلي) التي أضيفت إلى تسمية بعض الخطوط للدلالة على سمك وعرض الخط، كما هو الحال في الثلث الجلي والتعليق الجلي، إلا أنها استخدمت في هذا الموضع للدلالة على معنى الوضوح، إذ أن هذا النوع من الخط لم يكتسب صفة الجلي نظراً للكتابة بقلم أسمك من قلم الديواني، بل لاستخدام عدة اشارات على أرضيته لتزيده وضوحاً.
وقد عرف الديواني الجلي في نهاية القرن العاشر الهجري وأوائل القرن الحادي عشر، وابتدعه (شهلا باشا)، وقد روج له أرباب الخط في أنحاء البلاد العثماني وأولوه العناية بكتابته في المناسبات الجليلة الرسمية. وأغلب استعمالاته واستخداماته في كتابة الإجازات العلمية، والمستندات، والصكوك، وشهادات المعارض، والعملة الورقية، والبطاقات الشخصية، وغير ذلك من مظاهر الزينة والترف. ويكمن جماله في بروز سطوره التي ازدحمت فيها الكلمات، ولذا فإن كلماته المتفرقة لا تشكل جمالية كما لو كانت متراصة.
ويعتبر الخط الديواني أكثر شمولاً بذلك من خط جلي الديواني، لأن معظم الكتاب والخطاطين لا يحبذون استخدام الأخير على نطاق واسع لصعوبة كتابته وقراءته. وربما لذلك تعددت أساليب خط الديواني المستخدمة في الوثائق العثمانية عامة، اذ تحتفظ أرشيفات الدولة بوقفيات وإعلام وحجج وبراءات وفرمانات ومراسلات وغيرها من الوثائق مكتوبة بخط ديواني (مقرمط)، وديواني دقيق، ما يجعلها تحتل المرتبة الثانية بعد خط (السياقت) بين أنواع الخط وأساليبه المستخدمة في عموم الوثائق العثماني.
ونظراً لأن هذين النوعين من الخط يتمتعان بأعلى درجات الفن، ويتميزان بإمكانية الكتابة على نحو متداخل، فان قراءتهما وكتابتهما تتطلبان اختصاصاً مما يحول دون إحداث أي تحريفات فيهما.
أما تجويد الخط الديواني فيعود إلى الصدر الأعظم شهلا باشا (1103هـ – 1785م) في زمن السلطان العثماني (محمد الثالث)، وقد أحاط الخطاط (أحمد عزت) بهذا الخط وألف مجموعة المشق التي كانت نموذجاً لكتابة ميزان حروفه المرموزة بعدد النقط.
وصل هذا الخط إلى مرحلة التجويد في أوائل القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي(، عندما ظهر الخطاط (راقم) المتوفى سنة (1341هـ) ثم الخطاط المشهور (ممتاز بك) وبعده الخطاط (أحمد الكامل) رئيس الخطاطين.
إن قابلية حروف الخط الديواني على المرونة والمطاوعة والتقويس والتدوير، ساعدت على عملية التراكب والتقاطع، كما أن هذا التراكب والتقاطع يكون بنسب متفاوتة، وذلك تبعاً للأسلوب المعتمد في هذا النوع من الخط، لذلك هناك ثلاثة أساليب معتمدة في الخط بصورة واضحة، وهي:
أولاً: الأسلوب العثماني:
عُرف به الخطاط (محمد عزت)، إذ تتميز هيكلية حروفه بصغر حجمها، وتكون متشابهة، أو أقرب ما تكون إلى حروف خط الرقعة، وتكون منكمشة أي مقرمطة على الرغم من رشاقتها، ولهذا لا يتحقق التراكب والتقاطع في هذا الأسلوب لأنه يعتمد نظاماً واحداً فقط، وهو نظام السطر التتابعي.
ثانياً: الأسلوب المصري:
عُرف به الخطاط (مصطفى غزلان بك)، والذي سمي على اسمه بالخط الغزلاني، وتتميز حروفه بالطول، أي أنها تشغل ضعف المساحة التي تشغلها حروف الأسلوب العثماني، ولها القابلية على المرونة والمطاوعة إلى مديات كبيرة، إذ تظهر الحروف في أقصى فاعليتها، محققة بذلك الحركات الدورانية، فضلاً عن تمتع حروفها المنفصلة بالاتصال، بالتالي تعطي الشكل وحدة متماسكة، كما يمكن تحقيق التكوينات فيها.
ثالثاً: الأسلوب العراقي أو البغدادي:
عُرف به الخطاط (هاشم محمد البغدادي)، تتميز حروفه بالجمع ما بين الأسلوبين العثماني والمصري، فهي ذات امكانية عالية على التسطير، كما يمكن تحقيق التكوينات فيه، ولكن بوساطة اللجوء إلى تصرفات تصميمية في شكل الحرف، وضمن جماليته التي لا تمس خصوصية هذا الخط.
ولتمييز الفروقات الأساسية في حروف الخط الديواني، سنعتمد ميزان حروف الخط الديواني مطبقاً على حروف الأساليب الثلاث العثماني والمصري والبغدادي، وهي الأساليب الأساسية في هذا النوع من الخط والتي تضم الخطاطين الثلاثة المميزين بها وهم الخطاط العثماني (محمد عزت)، والخطاط المصري (مصطفى غزلان)، والخطاط العراقي (هاشم محمد البغدادي)، وجاء هذا الاختيار اعتمادا على الشهرة والكفاءة التي يتمتع بها الخطاطون الثلاثة في مجال الخط الديواني، ولانضباط حروفهم، وتنوعهم الجغرافي، والزماني، وعلى النحو الآتي:
1) حرف الآلف: ويكون على هيئتين المرسل والكاسي:
الهيئة الأولى: حرف الألف المرسل:
يتكون حرف الألف المرسل عند كتابته من ثلاث حركات عند الخطاطين الثلاثة، الحركة الأولى وهي بداية حرف الالف (باللون الاحمر) إذ تتكون من أربع نقاط في الأسلوبين العثماني والمصري، أما في الأسلوب البغدادي فيتكون من ثلاث نقاط، أما الحركة الثانية وهي تشظية الألف المرسل (اللون الأزرق) فتتكون من ثلاث نقاط في الأسلوبين العثماني والبغدادي، أما في الأسلوب المصري فتتكون من ثلاث نقاط ونصف، أما الحركة الثالثة والأخيرة لحرف الألف (اللون الأسود) فتتكون من ثلاث نقاط في الأسلوبين العثماني والبغدادي، أما في الأسلوب المصري فتتكون من نقطتين فقط.
الهيئة الثانية: حرف الألف الكاسي:
يتكون حرف الألف الكاسي من ثلاث حركات أيضاً؛ الحركة الأولى والثالثة مطابقة للحركتين الأولى والثالثة في الألف المرسل، أما الحركة الثانية (اللون الأزرق) وهي الكأس فتتكون من ثلاث نقاط في الأسلوبين العثماني والمصري، ومن نقطتين ونصف في الأسلوب البغدادي.
2) حرف الباء:
يكون على ثلاث هيئات: الباء الكبير والوسط والصغير في كلا الأسلوبين المصري والبغدادي، أما الأسلوب العثماني فيكون حرف الباء على هيئتين فقط وهما الوسط والصغير.
الهيئة الأولى: حرف الباء الكبير:
يتكون حرف الباء الكبير عند كتابته من حركتين، ويكون طوله عشر نقاط في الأسلوب المصري، وثماني نقاط في الأسلوب البغدادي.
الهيئة الثانية: حرف الباء الوسط:
يتكون الباء الوسط من حركة واحدة فقط في الأساليب الثلاث، ويكون طول الباء الوسط في الأسلوب العثماني ثلاث نقاط، وفي الأسلوب المصري أربع نقاط، وفي الأسلوب البغدادي ثلاث نقاط. ويكون مستوى نزول حرف الباء عن السطر في الأساليب الثلاث بمقدار نقطتين.
3) حرف الحاء:
يتكون حرف الحاء من هيئة واحدة وهو المرسل، ما عدا الأسلوب البغدادي يتكون من هيئتين المرسل والمضموم.
الهيئة الأولى: الحاء المرسل:
يتكون حرف الحاء من أربع حركات في الأسلوب العثماني والمصري والبغدادي، ويكون حجم الحركة الأولى (اللون الأحمر) نقطة واحدة في الأساليب الثلاثة، أما الحركة الثانية (اللون الأزرق) فيكون حجمها نقطتين في الأساليب الثلاثة أيضاً، أما الحركة الثالثة (اللون الأخضر) فيكون حجمها ثلاث نقاط في الأسلوب العثماني والبغدادي، وأربع نقاط في الأسلوب المصري، أما الحركة الرابعة (اللون الأسود) فيكون حجمها نقطتين في الأسلوب العثماني، وأربع نقاط في الأسلوب البغدادي، وخمس نقاط في الأسلوب المصري.
الهيئة الثانية: الحاء المضموم:
يتكون حرف الحاء المضموم من أربع حركات، إذ تكون الحركات الثلاث الأولى مشابهة للحركات الثلاث الأولى في حرف الحاء المرسل في الأسلوب البغدادي، أما الحركة الرابعة (اللون الأحمر) في الحاء المضموم فتتكون من ثلاث نقاط.
4) حرف الدال:
يكون حرف الدال على هيئة واحدة، ويتكون من ثلاث حركات في الأسلوب العثماني والمصري والبغدادي، وتتكون الحركة الأولى (اللون الأحمر) من نقطتين في الأسلوب العثماني والمصري والبغدادي، أما الحركة الثانية (اللون الأزرق) فتتكون من نقطتين أيضاً، أما الحركة الثالثة وهي التشظية (اللون الأسود) فتتكون من نقطتين في الأسلوب العثماني والبغدادي، ونقطتين ونصف في الأسلوب المصري.
5) حرف الراء:
يكون حرف الراء على هيئة واحدة، ويتكون من حركة واحدة فقط في الأسلوب العثماني والمصري والبغدادي، إذ يكون طول حرف الراء من ثلاث نقاط في الأسلوب العثماني، وخمس نقاط في الأسلوب المصري، وأربع نقاط في الأسلوب البغدادي.
* ما سبق عن الأستاذ ثائر الأطرقجي في مدونته، وما يلي ذلك من تعليقات الأستاذ عبد الله بن سواد
6) الصاد والضاد:
تتصل نقطة الضاد في الأسلوب العثماني والمصري، أما الأسلوب البغدادي فتكتب منفصلة. أما الطاء فتكون لينة وألفها صغير في الأسلوب العثماني، وفي الأسلوب البغدادي ألفها دائرية لينة.
7) حرفا الفاء والقاف:
ظهر صغر حرف الفاء في الأسلوب العثماني، ويبلغ حجم كاستها ثلاث نقاط، بينما هي أربع في الأسلوبين المصري والبغدادي، ويبدو تفردها في البغدادي بوضوح نقطتها وعدم اتصالها مباشرة.
أما حرف القاف فيلاحظ اتساع كاستها، وتربعها بقدر ثلاث نقاط في الأسلوب العثماني وفي البغدادي والمصري عمق كاستها.
8) السين العادية والسين المعلقة في خط الديواني بين الأسلوب العثماني والأسلوبين المصري والبغدادي.
تكون أسنان السين صغيرة ومدغمة وارتفاعها عن السطر نقطتان وحوض كاستها ثلاث نقاط في الأسلوب العثماني، وفي الأسلوب المصري تكون أسنانها بارزة وارتفاعها أكبر وكاستها أصغر وتكون بمقدار نقطتين، وفي الأسلوب البغدادي تشبه كثيراً الأسلوب المصري إلا أن حوض كاستها أعرض وارتفاعها كالأسلوب العثماني.
والسين المعلقة تبدأ في الأسلوب العثماني بقطة القلم وتنحدر برفع القلم وعمقها نقطتان وكذلك ارتفاعها عن السطر مقداره نقطتين، وفي الأسلوب المصري تكون بدايتها لينة وأشد انحداراً وعمقها نقطة وارتفاعها ثلاث نقاط، أما البغدادي فأقل انحداراً وأعمق وارتفاعها عن السطر نقطة ونصف تقريباً.
9) العين الراجعة والمرسلة:
تبدو العين الراجعة مستطيلة الرأس في الأسلوب العثماني، ولينة في البقية، كما تبدو قصيرة الذيل جداً عن البقية، وتظهر في المرسلة واضحة الشظية في العثماني عن البقية التي يبدو الدوران اللين فيها جلياً.
10) حرف الكاف:
يقترب رسمها من الألف المجموعة في مختلف الأساليب دون ذيلها، وتطابقها تماماً مع اللام عدا إشارة الكاف، وتتميز باتساع كاستها واستواء تقورها، وتتميز في الأسلوب المصري بصغر كاستها، وطول نهايتها، أما في الأسلوب البغدادي فتتميز بعمقها واستدارتها، واللام مثلها تماماً.
11) حرف الميم:
يتميز في الأسلوب العثماني بصغر حجمه وقصر نهايته وليونتها، وقد تطور في الأسلوب المصري والبغدادي وزادت ليونته.
12) حرف النون:
يلاحظ اختلاف شكليه في الأسلوب العثماني بين الطويل متصل النقط والعادي المنقط بالداخل. وقد تم استحداث النون المدورة المقفلة في الأسلوب المصري، وتبعه في ذلك البغدادي، ولكن تساوت أجزاؤها تماماً في الأسلوب المصري، أما البغدادي فقد اختلف الجزء الأول فكتب بعرض القلم مشابهاً لصورته في الأسلوب العثماني.
13) حرف الهاء:
يبدو حرف الهاء في أول الكلمة ويبدو قريباً جداً في الأسلوب العثماني من هاء الرقعة صلباً ذو استقامة، أما في الأسلوب المصري فيظهر لين المفاصل، وأطول عمودياً. ويبدو في الأسلوب البغدادي متأثراً بالأسلوب العثماني، ولكنه أخذ ليونة الأسلوب المصري. و تبدو الهاء المفردة أيضاً كهاء الرقعة مربعة ومائلة جهة اليمين، وتظهر في الأسلوب المصري كرقم خمسة تماماً مع استقامة واضحة، بينما تبدو في الأسلوب البغدادي مضغوطة عمودياً مع اتجاهها نحو اليمين قليلاً.
14) حرف الواو المرسلة والمجموعة:
يلاحظ كبر رأسها في الأسلوب العثماني وقصر ذيلها، والعكس في الأسلوب المصري حيث تمتاز بصغر الرأس، ويكون طول الذيل ضعف طوله في الأسلوب العثماني، وقد أخذ الأسلوب البغدادي كبر الرأس من الأسلوب العثماني، وأخذ من الأسلوب المصري طول ذيلها، وينطبق ذلك نفسه في الواو المجموع.
15) حرف اللام ألف:
تبدو في الأسلوب العثماني صغيرة ومدغمة اللام باتصال واحد، وتتساوى الألف واللام في ارتفاعهما البالغ نقطتين، والشكل الثاني لم يرد إلا في هذه الأسلوب بعرض القلم نزولاً بدقيقه، والثانية مثلها وأصغر منها. وتكون في الأسلوب المصري مرتفعة ويظهر فيها التقسيم للحركة باللون الأحمر والنزول بالألف بمقدار نقطتين ونصف. وتبدو اللام في الأسلوب البغدادي أقصر من الألف ارتفاعاً والألف أصغر وأرشق.
16) الياء المفردة والمتأخرة:
يلاحظ عرض كاستها وصغر رأسها وتأخره عن بطنها في الأسلوب العثماني، وتكون الياء الراجعة صغيرة جداً. أما في الأسلوب المصري فتكون لينة وممطوطة ولها شكلين أحدهما دقيق النهاية وطويل، والآخر ملتف على الرأس، وفي الياء الراجعة تكون لينة وطويلة أكثر. أما في الأسلوب العراقي فيتقدم رأسها على بطنها ويصبح كبيراً.
17) كتابة لفظ الجلالة (الله):
يظهر على صورتين في جميع المدارس؛ الأولى: بلامين، والثانية بلام واحدة، على اعتبار الجزء المكمل للألف لاماً. ولكنه في الأسلوب العثماني بدأ بأسنان صغيرة جدا كالسين، وتطور لدى الخطاط (حليم) فكتبه بأسنان واضحة وبهاء مرسلة، أما في الأسلوب البغدادي فبدا بلامين كبيرين جداً، وكذلك بلام واحدة متوسطة.
(18) اسم المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم:
يبدو في الأسلوب العثماني كصورته في خط الرقعة، ولكنه تطور واتضح، ويظهر ارتفاعه وانفصال أحرفه عن بعض في الأسلوب المصري، أما في الأسلوب البغدادي فيبدو كالمصري مع اختلاف يسير في الميم.
إيضاحات في كتابة الخط الديواني:
(1) حرف التاء في الأسلوب العثماني يكتب بصورة حرف النون في الرقعة، وكذلك حرف الميم صورته تشبه حرف الحاء، فيفضل تركه بهذه الصورة توضيحاً وتسهيلاً للقراءة.
(2) هذه بعض صور كتابة الكلمات المتصلة في الأسلوب العثماني والتي يصعب قراءتها ويحصل معها اللبس، فيفضل عدم استعمالها وكتابتها بالصورة العادية.
(3) السطر مهم جداً في الكتابة الخطية، إذ هو مرتكز الأحرف، وعليه قيامها، وبدونه لا تستقيم الكتابة ولا تقوم. وهناك أحرف لابد أن تنزل عن مستوى السطر في جميع الخطوط ومنها الخط الديواني، وهي :الباء والحاء والعين النازلة والميم والكاف واللام الطويلة والهاء الوسطية فقط..
(4) الهاء المتطرفة الصاعدة (في أعلى الصورة) ورد كتابتها لدى الشيخ عزيز الرفاعي الخطاط العثماني الشهير كصورتها في خط الرقعة ولم ترسم فيما قبل. (في وسط الصورة) كما كتبها الخطاط محمد إبراهيم علي بنفس الصورة في المجموعة الفاروقية. هذا وقد وردت كتابتها كالهاء في خط جلي الديواني صاعدة وملتوية النهاية لدى الخطاط أحمد محمد عبدالعال من الأسلوب المصري (أسفل الصورة).
ملاحظة: بدأ هذا المقال الأستاذ ثائر الأطرقجي، وقد أكمله الأستاذ عبد الله بن سواد، والله أسأل لهما الصحة والعافية، وأن يفيدنا الله من علمهما وخبرتهما.