أصدر الدكتور مأمون صقال من خلال (www.sakkal.com) في منتصف مارس 2012 عائلة الخط الطباعي “شيليا” (Shilia Typeface) ليتم تسويقه من خلال شركة لينوتايب (www.linotype.com) وهي عائلة مؤلفة من ثمانية أوزان، ومن المتوقع أن تمتد لتصل إلى 21 وزناً مستقبلاً.
عن الخط الطباعي “شيليا” …
يعتبر الخط الطباعي “شيليا” نموذجاً عن الخطوط الطباعية العربية لفئة العناوين، ويمكن استخدامه أيضاً لكتابة النصوص (المتن)، خاصةً في المنشورات ثنائية اللغة والتي تتطلب أن تعمل كلا اللغتين العربية واللاتينية وفق تناغم معين.
ويمكن استخدام “شيليا” بشكل مميز في العناوين، التوقيعات، الوثائق والمشاريع البيانية … وغيرها وذلك عند الحاجة إلى الحداثة، والانسيابية، والتقسيم التماثلي الجيد.
تم بناء هذا الخط الطباعي على قواعد الخط الكوفي بشكل متناسق، حيث أن أشكال حروف هذا الحرف الطباعي المفتوحة تعطي الصفة الهندسية، والمتانة البنيوية ولكنها مقبولة ومألوفة في الوقت ذاته.
بالإضافة إلى ذلك، يسهم خط “شيليا” بأنماطه الواحد والعشرين إسهاماً ملحوظاً في المنشورات الحكومية، الأمر الذي أدى إلى جعل هذه العائلة من الحروف الطباعية العربية تشكل بصمة واضحة في سوق الحروف الطباعية.
على الرغم بأن د. مأمون صقال قام بتصميم “شيليا” منذ سنوات، إلا أنه تم إعادة رسم حروفه، وتوسيعه من أجل إصداره عبر شركة “لينوتايب”. وقامت “عايدة صقال” ببرمجة جميع خصائص أوبن تايب الموسعة فيه.
يحتوي هذا الخط الطباعي على أكثر من (1800) محرفاً، تحتوي على عدد كبير من التراكيب (Ligatures)، المحارف الممتدة (Swashes)، الإضافات البديلة، والزخارف .. وغيرها
يضم هذا الخط الطباعي المحارف اللاتينية الأساسية من الحرف الطباعي (Linotype Univers)، كما يدعم اللغات العربية، الفارسية، والأردية.
ولتحقيق ذلك، استخدم د. صقال عدداً صغيراً من الأجزاء التي يتألف منها الحرف الأبجدي، والتي يحكمها شكل الحرف، وتم استيحاء جزء منها من اللاتينية.
ونظراً للإهتمام الكبير الذي يوليه د. صقال للنموذج الكوفي، فقد كانت الأشكال التي صممها ذات شكل كوفي تقليدي.
وفي صيف 1979، طلب منه تصميم شعار معاصر، ومجموعة تصاميم لشركة سعودية، وقد استغل هذه الفرصة لكي يكمل تصميم الحرف الطباعي “شيليا” حيث سُمي على اسم الشركة، والتي ينسب اسمها بالأساس إلى سلسلة جبال.
بعد ذلك، قام بتقطيع الحروف، وتجهيزها عام 1985 لتكون جاهزة للرقمنة، وحاول أن يجد شركة تقوم بإصداره للنشر.
ولكن، تطلب هذا وقتاً حتى تم توقيع عقد الرخصة مع شركة “لينوتايب” ليظهر الخط الطباعي “شيليا” في حلته الجديدة الرائعة.
أخذ هذا كله أكثر من (35) عاماً منذ وقت التصميم حتى نشره، الأمر الذي يدل على ضرورة الصبر والمثابرة لمثل هذا النوع من العمل.
مواصفات الخط الطباعي “شيليا” …
يتمتع الخط الطباعي شيليا بالعديد من نقاط القوة في خصائص الأوبن تايب (Open Type features)، وبعضها يشكل بصمة جميلة على هذا النوع من الحروف، ويشكل إضافة رائعة على الحروف الطباعية المعاصرة.
والحق يقال، أن بعض هذه الخصائص مدعومة بشكل كبير في برنامج (Adobe Indesign) دون غيره من البرامج، وذلك بسبب دعمه شبه الكامل لكافة خصائص الأوبن تايب العربية، والتي نذكر بعض ما أعجبنا منها:
1- استبدال حرف الهاء المفردة بأخرى ثنائية التدوير ليتم استخدامها في الترقيم أو التأريخ الهجري.
2- يحتوي على شكلين مختلفين من الهاء المتوسطة يتم الاستبدال بينهما عند التقائهما معاً.
3- شكل دائري للكاف قبل الألف يعطي إيحاءً جميلاً كأنه تركيب جديد للكاف ألف، أو للكاف لام.
4- إضافة الكثير من رموز الصلاة على النبي، والترضية … وغيرها.
5- إضافة بعض الأشكال الهندسية والزخارف ونهايات الآيات والأحزاب والأجزاء للكتابات القرآنية.
6- شكل فني جميل للفاصلة.
7- ضبط الياء الراجعة بشكل جميل بدون استخدام التراكيب، ومن خلال استخدام أشكال متعددة لها، تعتمد على وقوعها خلف الحرف الذي يحتوي على نقاط أم لا ….
8- يحتوي على مئات التراكيب للباء الراء النهائية، والباء نون النهائية، والهاء ياء وتراكيب استبدالية بينها ..
9- استخدام خاصية الحروف الممتدة (Swash)، والامتداد المتداخل (Swash OverLab)، وإضافة الحروف الداعمة لذلك، وهاتان الخاصيتان تعتمدان بشكل أساس على برنامج الإن ديزاين.
10- الإضافة المميزة والتي أحببتها بشكل كبير وهي اتصال الألف مع اللام … والتي يمكن تفعيلها في برنامج النشر المكتبي الشهير (Adobe Indesign)
Character => OpenType => Stylistic Sets
وهناك ما يقارب 18 إضافة تدعم هذه الخاصة، وتسعى إلى عمل استبدالات تريح المستخدم، وتمده بخيارات عديدة، وجميلة في الوقت نفسه
11- تم إضافة الكثير من الرموز الزخرفية والتي يمكن استخدامها لتجميل العناوين الرئيسة، والثانوية ونهايات الفصول والأجزاء، والتي تشكل إضافة جميلة وربما هي الأولى في الحروف الطباعية العربية.
بالإضافة إلى ذلك كله فإن ضبط خاصية الاقتران (Kerning)، وضبط مواضع التشكيلات جعلت من الخط يبدو جميلاً بشكل أكبر …
والجدير بالذكر أن شركة لينوتايب أجرت مع الدكتور مأمون مقابلة بسيطة قمنا بعد استئذانه بترجمتها للعربية ونود أن نطلعكم عليها ….
ونسختها الأصل موجودة على الرابط التالي: http://www.linotype.com/6724-32674/interview.html
ما الذي ألهمك لتصميم هذا النمط من الخطوط الطباعية؟
التصميم الأصلي للخط “شيليا” الطباعي كان في عام 1976م، كمحاولة لتشكيل نموذج من الخطوط العربية المنسجمة مع خطوط اللغة اللاتينية، وذلك للاستخدام في التطبيقات التي تحتوي على اللغة العربية الى جانب اللغات التي تعتمد الأبجدية اللاتينية كالإنكليزية والفرنسية والألمانية وغيرها.
هل تأثرت في تصميمك لهذا الخط الطباعي بنماذج خطوط طباعية أخرى؟
لم أتأثر بنماذج معينة؛ لأنه ببساطة لم تكن لدي في السبعينات أية معرفة بالحروف الطباعية ذات الشكل الانسيابي والهندسي، وهذا بالتحديد ما أردت تحقيقه في “شيليا”. كنت معجباً بأعمال المصمم العراقي “ناظم رمزي” الذي قام بتصميم نموذج منتظم من الخطوط يتميز بأشكاله المربعة والهندسية لمجلة آفاق العربية. كما أنني لا أستطيع نسيان أعمال المصمم اللبناني “نصري خطار” المتميزة ،والتي قرأت عنها بشكل مختصر، بالرغم من أنني لا أتفق معه في وجهة نظره ومفهومه المبني على فصل الحروف بدلاً من اتصالها.
ما هي التقنيات التي استخدمتها في تصميمك؟
نظراً لوجود فارق زمني كبير بين التصميم الأصلي والنشر التجاري الحالي لشيليا من قبل شركة “لينوتايب”، فقد قمت باستخدام عدد من التقنيات في تصميم الخط وتشكيله.
قمت أولاً برسم الحروف بقلم الحبر مستخدماً الأدوات والمهارات التي اكتسبتها خلال دراستي في كلية الهندسة المعمارية. بعد ذلك، وفي عام 1985، قمت بتقطيع الحروف في فيلم روبيليث (Rubylith) تحضيراً لرقمنتها، إلا أن الرقمنة لم تتحقق، فقمت بإعادة رسم الحروف بشكل رقمي مباشرة باستخدام برنامج فونتوجرافر (Fontographer) ثم رسمتها مرة أخرى في برنامج الفونت لاب (FontLab) وقامت ابنتي عائدة صقال ببرمجة الأوبن تايب (OpenType) في برنامج ميكروسوفت فولت (VOLT).
أما آخر خطوة فكانت رسم نموذج الحروف كمرة أخيرة لتنسيق سماكة وارتفاع النص مع (Linotype Univers) وهو المُرافق اللاتيني مع “شيليا” والذي يباع في نفس ملف الحرف الطباعي.
ما هو أكبر تحدٍ واجهته عند تصميم هذا النموذج من الخطوط الطباعية؟
كانت أكبر صعوبة هي تشكيل حروف عربية ذات أشكال مألوفة وطبيعية، ولكنها مبسطة وذات أشكال منتظمة لتنطبق على التصميم الهندسي في الوقت نفسه.
هذا النوع من أشكال الحروف لم يكن مألوفاً بَعدُ في المنشورات العربية والأعمال الغرافيكية عندما صممت خط “شيليا”، إلا أنه ومع مرور الزمن، تم إنتاج عدد من الحروف الطباعية العربية بمواصفات مشابهة وأصبح هذا النوع من التصاميم مألوفاً، وأكثر قبولاً.
كي أحقق أهدافي في هذا التصميم، فقد قمت بالبحث المعمق والمكثف في تاريخ الخط الكوفي لكي أستخلص سلسلة من الأشكال المبنية على الخطوط العربية التقليدية، إلا أنها في الوقت نفسه ذات خصائص حديثة وتتناسق مع أشكال حروف الأبجدية اللاتينية.
صف لنا من فضلك هيئة الخط الطباعي الذي قمت بتصميمه والإحساس الذي يعطيه؟
يعطي “شيليا” إحساساً بالحداثة والبساطة لأنه صُمم للتلاؤم مع الحروف الطباعية اللاتينية بدون زوائد أو زُلفات (sans-serif)
لأي من التطبيقات توصي استخدام الخط الطباعي “شيليا” (ملصقات، نصوص، صحف، إعلانات)؟
يُفضَّل استخدام الخط الطباعي “شيليا” في ملصقات الإعلان، اللافتات وأسماء المحلات، الشعارات، العناوين، وأية تطبيقات تحتاج الى وضوح القراءة مع الأشكال المتميزة والمعاصرة. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الحرف الطباعي يُستخدم في حالة وجود نص ذي لغتين بهدف الإنسجام والتناغم، كما أنه مفيد عند الحاجة الى استخدام عدد كبير من سماكات الحروف أو التنويعات في عرضها. لقد صممتُ نسخة خاصة من الحرف الطباعي “شيليا” لأعلى ناطحة سحاب في العالم، وهي برج خليفة في دبي، حيث يُستخدم في لافتات المعلومات والتوجيه داخل البرج وخارجه، في المطبوعات الإعلانية، وفي الهوية البصرية للبرج والمطبوعات المتعلقة بهذه الهوية. صممتُ كذلك نسخة خاصة من خط شيليا لفندق أرماني في البرج ذاته لينسجم مع الخط اللاتيني للفندق والذي يتميز بدقته الشديدة ونقاطه المربعة.
ما هي التفاصيل الأخرى التي تميّز الخط الطباعي “شيليا”؟
هذه بعض التفاصيل التي تميز الخط الطباعي “شيليا”:
١- الخطوط العمودية التي يتكون منها الحرف أقل سمكاً من الأفقية، وذلك اتباعاً لقواعد الخطوط العربية التقليدية.
٢- زوايا الحروف الحادة التي تُملأ عادة بالحبر عند الطبع، كزوايا حروف الجيم والفاء والعين، زوّدت بفراغ اضافي للمحافظة على شكل الحروف والزوايا الحادة عند الطبع، وهذا ما يسمى باللغة الإنكليزية .(Ink trap)
٣- إن اتصال الحروف المختلفة بخط قاعدة الحروف يتبع اصول الخط الكوفي، وذلك حسب طبيعة كل حرف، حيث أن بعضها يتصل بزاوية والبعض الآخر يتصل بانحناء.
٤- لحرف العين في وسط ونهاية الكلمة شكل جديد لم يسبق استخدامه في نماذج الخطوط العربية من قبل. هذا الشكل يؤكد على طبيعة الحرف الطباعي المنحنية والانسيابية.
٥- كثير من الحروف لها نفس الشكل في جميع المواضع من الكلمة (ابتدائي، وسطي، نهائي ومفرد) دون ظهورها مفتعلة أو غريبة كأحرف الجيم والفاء والميم على سبيل المثال.
٦- يتضمن الخط الطباعي “شيليا” العلامة التي تدل على نهاية النص وهي علامة لا نجدها في الحروف الطباعية العربية الأخرى، كذلك يتضمن عدداً كبيراً من العبارات التقليدية مثل: صلى الله عليه وسلم ، جل جلاله ، رضي الله عنه ، عليه السلام ، والتي تقتصر عادة على خطوط النسخ المتطورة، ولا تتوفر في مثل هذا الخط الحديث. جميع هذه التصاميم الأصلية متناسقة مع نماذج :شيليا” المختلفة سواء من ناحية السمك والعرض أو من ناحية النسب والطابع البصري.
٧- يتميز الخط الطباعي “شيليا” باحتوائه على مجموعة من الزخارف المصممة بدقة تسمح للمستخدم أن يشكل عدداً لا نهائياً من التركيبات الزخرفية، وذلك ليدعم تصميم الصفحة وتزيينها.
ما هو السبب الذي جعلك تعطي الخط الطباعي “شيليا” هذا الاسم، وما معناه؟
في صيف عام 1979 طُلب مني تصميم شعار ومطبوعات الهوية البصرية لشركة سعودية، حين سنحت لي الفرصة أن أكمل تصميم الخط الذي كنت قد بدأت العمل به. في ذلك الوقت أطلقت عليه اسم “شيليا” كإسم الشركة السعودية وهو بالمناسبة مشتق من اسم سلسلة جبلية.
هل تود أن تشاركنا بأية معلومات أخرى عن “شيليا”؟
للحرف الطباعي “شيليا” مجموعة من خصائص أوبن تايب (OpenType) الشاملة التي لا تستخدم في الخطوط الطباعية الحديثة إلا أحياناً، ولم تستخدم بمجموعها في أي خط طباعي حديث حتى الآن. وبالإضافة لدعم الحركات، والمسافات المرتبطة بالظروف الخاصة بكل موقع، فإن شيليا يحتوي على 19 مجموعة أنماط (stylistic sets) تعطي المستخدم خيارات كثيرة للتحكم في شكل وتكوين النص، وكأنه يستخدم عدة خطوط بدلاً من خط واحد. كذلك يضم هذا الخط عدداً كبيراً من المتصلات والمرسلات وعلى مجموعة متميزة من المرسلات المتراكبة، التي تساعد على تسوية عرض الأسطر بشكل متوازن، وتوفر للمستخدم والمصمم تكوينات أكثر جمالاً وتفرداً للكلمات والجُمل، مما يعد ميزة إيجابية في أي مشروع لتصميم هوية بصرية أو شعار أو إعلان.
بعد هذا العرض لهذا الخط الطباعي الرائع، ومن خلال متابعتنا لمنشورات الحرف، وحتى نتمكن من اختباره بشكل كامل، فإننا نثمن هذا الجهد الذي قام به الدكتور مأمون صقال مصمماً ومبرمجاً ومراجعاً، وعايدة صقال مبرمجة لكل خصائصه الجميلة.
ومن خلال هذا المقال البسيط، ومن موقع هبة ستوديو (www.hibastudio.com) نتمنى للدكتور مأمون التوفيق والنجاح في تسويق هذا الحرف بما يعود عليه من نفع معنوي أولاً، ومادي ثانياً … ونشكره لإثراء مكتبتنا العربية بهذا الحرف الطباعي الرائع بأوزانه العديدة.