من أجل إبراز دور المرأة في تجويد الخط العربي، وما أضافته لهذا لفن من فنون الحضارة العربية الإسلامية، وكجزء من محاولة لتسليط الضوء على دورها في مجال الفنون بشكل خاص، ودورها في التاريخ الإنساني بشكل عام، نبرز هنا أهم الخطاطات والكاتبات وبعض المحدثات والفقيهات والعالمات ممن تركن لنا بعض آثارهن الخطية وكتاباتهن، مرتبين تراجمهن زمنيًا، معتمدين على سني وفاتهن وتواريخ كتاباتهن ونبذة مختصرة عن كل منهن منذ القرن الثامن الهجري إلى وقتنا الحاضر.. مع ذكر سريع لبعض الخطاطات المعاصرات.
من أشهر الكاتبات والخطاطات والكاتبات العربيات نذكر:
1) فاطمة بنت إبراهيم بن محمود جوهر البعلبكي المعروف بالبطائحي: وهي محدثة دمشقية، مسندة، أخذ عنها السبكي وغيره. توفيت في قاسيون سنة (711هـ – 1311م).
2) فاطمة بنت علم الدين البرزالي: محدثة سمعت الحديث من جماعة، وحفظت القرآن الكريم، وكتبت ربعة منه، وأحكام ابن تيمية وصحيح البخاري، توفيت سنة (731هـ – 1330م).
3) خديجة بنت عثمان الهوري: محدثة، كانت جيدة الخط والإنشاء وتكتب بخطها الإجازات. توفيت سنة (734هـ – 1333م).
4) ست الوزراء بنت محمد بن عبد الكريم: دمشقية الأصل، كانت تكتب الخط الجيد، قرأت القرآن والفقه على والدها، كانت حية سنة (737هـ – 1336م).
5) شهدة بنت عبد العزيز بن بدر الدين بن جماعة: محدثة، سمعت بقراءة أبيها، وتعلمت الكتابة، توفيت سنة (757هـ – 1356م).
6) أم الخير بنت أحمد بن عيسى: قارئة، حافظة للقرآن، ولدت سنة (810هـ – 1407م) حفظت القرآن، ولقيها البقاعي سنة (849هـ – 1445م) وقرأ عليها وقال إنها: ” كاتبة، قارئة، حافظة “، وأجاز لها جماعة.
7) عائشة بنت علي بن محمد بن علي بن أبي الفتح: عالمة، متحدثة ولدت في القاهرة سنة (761هـ – 1359م)، وحضرت على جدها لأمها أبي الحزم خمسة مجالس من ثمانية من الفوائد الغيلانية، وأجاز لها قاضي الجبل والخلاطي وجماعة من الشاميين والمصريين. تعلمت الخط حتى أصبحت تكتب جيدًا، وحدثت وسمع عليها غير واحد، وخرّج لها الزين رضوان جزءًا فيه عشاريات وتساعيات مبتدئًا بالمسلسل، قال عنها البقاعي كتبت الكتابة الحسنة، توفيت سنة (840هـ – 1436م).
8) كلثوم بنت عمر بنت صالح النابلسية: محدثة، كاتبة ولدت في القاهرة سنة (772هـ – 1370م)، وسافرت مع أبيها إلى دمشق وأقامت فيها لحين وفاته، قرأت القرآن، وسمعت الصحيح على أبي المحاسن يوسف بن الصيرفي، كتبت الخط الحسن توفيت في القاهرة سنة 856هـ (1452م).
9) زينب بنت علي بن محمد الطوخية: محدثة، كاتبة، ولدت سنة (830هـ – 1426) بالقرب من طوخ فنشأت بها، حفظّها أبوها القرآن والحاوي ومختصر أبي شجاع وجميع الملحة وعلمها الكتابة، قرأت على زوجها الشمس بن رجب بن غالب الصحيحين، توفيت في القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي).
10) زينب بنت إبراهيم بن محمد بن أحمد الشنوهي: محدثة، سمع عنها السخاوي، كتبت الخط الجيد، توفيت سنة (879هـ – 1474م).
11) عائشة بنت يوسف بن أحمد بن ناصر الباعونية: شاعرة، أديبة، فقيهة، كاتبة، نسبتها إلى باعون (من قرى شرق الأردن) مولدها ووفاتها في دمشق، درست اللغة والأدب ورحلت إلى مصر سنة (919هـ – 1513م)، لها مؤلفات كثيرة منها: (البديعة)، و (الملامح الشريفة في الآثار اللطيفة)، و(الدر الغائص في بحر الخصائص) و (الإشارة الخفية في المنازل العلية) و (أرجوزة في التصوف) و(فيض الفضل) بخطها محفوظة في المكتبة التيمورية في دار الكتب المصرية و(ديوان شعر) و(المورد الأهني في المولد الأسني) أجيزت في الإفتاء والتدريس، توفيت سنة (922هـ – 1516م).
12) مريم بنت مصطفى: أصلها من سلانيك من نساء القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي)، استنسخت بعض الكتب منها نسخة من كتاب ” مختار الصحاح ” للرازي سنة (959هـ – 1551م) محفوظة نسخته في مكتبة الأوقاف العامة في بغداد.
13) فاطمة بنت عبد القادر المعروفة بنت قريمزان الحلبية: ولدت سنة (878هـ – 1473م)، تولت مشيخة العادلية والزجاجية معًا، أخذت العلم عن زوجها كمال محمد بن جمال الدين بن قلي درويش الأردبيلي نزيل المدرسة الرواحية في حلب، اشتهرت بحسن خطها حتى انتهت إليها رئاسة نســـاء زمانها في حــلب، لما لها من جودة الخط وكثرة نسخ الكتب.
14) زينب بنت محمد بن أحمد الغزي الشافعي: عالمة، أديبة، شاعرة، كاتبة، ولدت بدمشق سنة (916هـ – 1510م)، قرأت على والدها “تلقيح اللبابة” وقسمًا من المنهج، وكتبت له كتبًا بخطها، ومدحته بقصيدة، توفيت سنة (980هـ – 1572م).
15) جوهر شاد بنت مير عماد: ابنة الخطاط الشهير مير عماد المتوفى سنة (1024هـ – 1615م)، تعلمت على يد والدها فن الخط وكان خطها في غاية الحسن والجمال.
16) فاطمة أني شهري: أصلها من الأستانة، كانت تجيد خط النسخ، شاعرة، كانت حية سنة (1122هـ – 1710م).
17) حليمة بنت محمد صادق: أصلها من الأستانة، تعلمت الخط وبرعت فيه، وقد كتب لها الخطاط محمد راسم إجازة بتاريخ (1169هـ – 1755م).
18) مشرف هانم: زوجة أحد أعيان اسطنبول، علمت ابنتيها نكهت ومستورة شلبي الخط، ذكرت لها ترجمة في كتاب “صون خطاطلر” المطبوع باللغة التركية.
19) درة هانم: والدة السلطان محمود خان، جيدة الخط، كتبت بيدها مصحفًا سنة (1172هـ – 1758م)، كان محفوظاً في المدينة المنورة ثم نقل إلى الأستانة عند خروج العثمانيين من الحجاز سنة (1334هـ – 1915م).
20) بزم عالم: والدة السلطان عبد المجيد خان، ذكر الباحث الأستاذ فوزي سالم عفيفي في كتابه ” نشأة الكتابة الخطية العربية وتطورها “، أنها من ضمن الخطاطات والمزخرفات اللواتي اشتهرن في تركيا إبان الدولة العثمانية.
21) رشدية هانم: ذكر محمد طاهر الكردي في كتابه ” تاريخ الخط العربي” نقلاً عن زين العابدين القندلجي، أنها نسخت كتابًا في التاريخ سنة (1192هـ – 1778م) كان محفوظًا في المكتبة المحمودية في المدينة المنورة ونقل إلى الأستانة عند خروج العثمانيين منها.
22) أسماء عبرت بنت أحمد: ولدت سنة (1194هـ – 1780م) وهي ابنة أحمد آغا رئيس أغوات الخاصكية في البلاط العثماني، وزوجة الخطاط الشهير محمود جلال الدين، وعليه أخذت قواعد الخط، اشتهرت بجودة خطها، كتبت لوحة تمثل الحلية الشريفة التي تتضمن صفات النبي صلى الله عليه وسلم سنة (1209هـ – 1794م) وكان عمرها وقتها خمسة عشر عاماً ونالت بها إعجاب الجميع، والحلية محفوظة في متحف طوب كابي سراي باسطنبول، ولكي تكون عبرة لقريناتها فقد أضيف إلى اسمها وهي تحصل على الإجازة، اسم عبرت.
23) رابعة بنت ملا نازك بن يوسف: من نساء القرن الثاني عشر الهجري (القرن الثامن عشر الميلادي) كتبت بخطها نسخة من مخطوطة “شرح المواقف ” سنة (1195هـ – 1780م) محفوظة نسخته في مكتبة المتحف العراقي.
24) فاطمة بنت إبراهيم: أصلها من الأستانة، من نساء القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر الميلادي). تعلمت الخط من زوجها توقاتي محمود أفندي ومنحها إجازة، كانت تجيد خط النسخ والثلث والجلي ديواني.
25) زاهدة بنت علي باشا: أصلها من الأستانة، تعلمت الخط من الخطاط الكبير مصطفى عزت وأجازها فكانت تكتب الخط الحسن، بعض أعمالها موزعة في مساجد وتكايا الأستانة، كانت حية سنة (1290هـ – 1873م).
26) حافظة خاتون بنت محمد سعيد أفندي: والدة محمد سعيد أفندي نائب الحلة (سابقاً)، تتلمذت على الخطاط سفيان الوهبي البغدادي، تجيد كتابة خطي النسخ والثلث، من آثارها بعض الرقع الخطية وآيات من القرآن الكريم، توفيت في بغداد سنة (1346هـ – 1927م) ودفنت في مقبرة الإمام الأعظم.
27) صالحة خاتون النقشلي: نشأت في بغداد، حفظت القرآن الكريم، وأحاطت بمبادىء العلوم العقلية والنقلية، درست على العلامة الشيخ عبد السلام مدرس الحضرة القادرية، كان لها خط حسن تعلمت أصوله على الخطاط سفيان الوهبي البغدادي، كتبت مصحفًا بقلم الثلث والنسخ على قاعدة ياقوت المستعصمي محلّى بالذهب، وأوقفته على الحضرة القادرية.
خطاطات معاصرات:
أما بالنسبة للخطاطات المعاصرات فهناك مجموعة غير قليلة من الخطاطات في أرجاء مختلفة من العالمين العربي والإسلامي، وإن لم تذكر المصادر الحالية أسماء معظمهن، فإننا سنذكر هنا بشكل موجز أسماء بعضهن فقط للإشارة إلى أنه لا تزال بعض النسوة يمارسن هذا الفن ويبدعن فيه.
فمن العالم العربي نذكر الخطاطة نجاة أحمد الباز من مصر، التي كانت تعمل في التلفزيون كخطاطة، وتعتبر أول خطاطة في المجال الإعلامي في مصر، ومن الكويت هناك الخطاطة الفنانة نداء معرفي التي شاركت في بعض معارض الخط في الكويت، ومن العراق هناك الأختان الشهيرتان الخطاطتان جنة وفرح عدنان وكذلك الخطاطة فريال العمري. أما في الدول الإسلامية الأخرى فنجد في إيران – التي تشهد اهتمامًا لا مثيل له – عدداً كبيراً من الخطاطات نذكر منهن على سبيل المثال لا الحصر: زينب قاجاردولو ونوين تولائي وجميلة علي زادة وفخر الملوك خديوي وبروين حيدري وصداقت جباري التي فازت مؤخرًا في المسابقة الدولية لفن الخط منافسة للرجال، وغيرهن كثيرات في إيران لا يتسع المجال هنا لذكرهن. أما بالنسبة لتركيا فهناك الخطاطات آيتن ترياكي ومنى مرجان ومبرورة تورة، وفي باكستان الخطاطة لبنى سعيد، كما نجد أن اهتمام المرأة بفن الخط قد وصل حتى تتارستان فنجد هناك الخطاطة هاليولوينا ألفيا رفكاتاروفا، بل تعدى هذا الاهتمام العالم الإسلامي ليصل إلى تايلاند لنجد هناك كلا من الخطاطة سانسانة رودبرام والخطاطة بيادة شاريونسك.
إن تميز المرأة في فن الزخرفة وتفوق الرجال في فن الخط في الغالب، من الأمور الملاحظة في الفن الإسلامي، وقد يكون ذلك هو الذي دفع البعض إلى التصور بأن فن الخط كان مقصورًا على الرجال. ولكننا لا نظن، بعد هذا الاستعراض السريع حاولنا ذكر أسماء الخطاطات منذ ظهور هذا الفن وبشكل موجز، إننا نستطيع أن نغفل اهتمام المرأة بهذا الفن أو التقليل من إبداعها فيه، بل وتميزها في بعض الأحيان.
عن مجلة الكويت – العدد 187