من عبق أصالة سخنين في قلب الجليل، تلك المدينة من مدن مناطق فلسطين المحتلة سنة 1948 والبالغ عمرها قرابة 3500 عاماً…، تطل العنقاء من الرماد لتعانق السماء، تكبر وبيدها مشعل المحافظة على الأصالة العربية رغم ازدواج الثقافة المطبق عليها بقساوة، تكبر وتكبر حاملة هموم الخط العربي لتثبت للعالم أن حرفنا العربي سيبقى متجذراً في عمق الذاكرة مهما تكالبت عليه الثقافات، وستظل أبداً تنطق بلغة الضاد، وتمضي قدماً إلى الأمام تحمل بصمة عظيمة بما تقدمه من فن رائع.
إنه الخطاط سعيد النهري الذي تتلمذ على يد خطاط فلسطين محمد صيام، واستمر بعده يحمل المشعل بكل إخلاص وسخاء، يرسم معالم الطريق للأجيال القادمة…
ففي 13/9/1961 ولد الفنان والخطاط الفلسطيني سعيد فلاح غنايم، والملقب بالنهري في مدينة سخنين بجليل فلسطين المغتصب منذ عام1948، برزت مواهبه وميله الفني التشكيلي في سن مبكرة، تابع دراسته الأكاديمية في كلية (فبتسو) حيفا، متخرجاً من قسم التصميم الجرافيكي والخط عام 1983، عمل بعد تخرجه في عدة صحف فلسطينية مثل: صحيفة “الصنارة” الفلسطينية التي تصدر بمدينة الناصرة كمصمم ومخرج فني، ورساماً كاريكاتيريأً، كما عمل أيضاً في صحيفة “كل العرب” الناصرية، وصحيفة “الاتحاد” الصادرة في حيفا، وصحيفة “الأهالي” في مدينته سخنين، ثم مقدماً للأخبار في تلفزيون “تيفيل” في حيفا، إلا أن العمل في موضوع الصحافة والكاريكاتير لم يرو ظمأه الداخلي وحنينه للحرف العربي، فاتجه إليه بكل قوة. يعتبر النهري خطاطاً اجتهد على نفسه، متسلحاً بجديد تقنياته المتاحة، ومقدرته على تلمس خطاه الفنية في ميادين الخط العربي، الموصول بإيمانه العميق بأمته العربية، لأنه الفن الوحيد الذي قدم رسالة الأمة العربية والإسلامية في أجمل صورة، وأبهى حلة جمالية ومعرفية وروحية، موصوفة لكلام الله جلّ وتعالى في قرآنه الكريم. وبعد دراسة مستفيضة، وتجارب عديدة حملته للمشاركة في مجموعة من المعارض الجماعية والفردية في ميادين الفنون عموماً، والخط العربي خصوصاً داخل فلسطين المغتصبة، وخارجاً في الدول العربية والأجنبية. وحصوله على مجموعة من الجوائز وشهادات التقدير.
من يتلمس لوحاته بصراً وبصيرة، سيوقن قوله أنه أمام حالة فنية مميزة، ونكهة فلسطينية جديدة في ميادين الفن والخط العربي الكلاسيكي والتحرك في فضاء الحرية والاشتغال التقني، تعكس حقيقة دربته وخبرته، وتضعه على طريق طموحه الشخصية الصحيح، كحامل لرسالة ثقافية وفكرية ومحتوى جمالي، ودلالة على هوية إنسان داخل وطن عربي اسمه الحركي فلسطين، لأنها وطن وتربة تختزل العالم العربي والإسلامي بل العالم الكوني بأسره، في منزلتها ومكانتها العظيمة في ثنايا الدين الإسلامي الحنيف، وورودها صراحة في القرآن الكريم عبر سورة الإسراء، وروايات عديدة عن أحاديث النبي العربي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم، إضافة لما يحتله الخط العربي من حظوة ومكانة في قلوب محبيه، والناطقين فيه، كدرة الفنون العربية الإسلامية، كل هذا جعل الخطاط النهري ينحاز بروحه وقلبه ويراعه لمسارب هذا الفن العربي الرائع.
لوحاته الخطيّة تأخذ بناصية الحرفة، والصنعة المتقنة، والعارفة لطاقة الحرف العربي على تشكيله وتدويره وبنائيته وفق الأصول المعروفة التي خط أحرفها الأولى ابن مقلة، وابن البواب، وياقوت المستعصمي، ومن تبعهم في هذا الإطار من مجددين ومحدثين، وإن خرج عليها في كثير من توليفاته الخطيّة، وتغويه خطوط الديواني الجلي، كمسار تقني ولحمة شكلية بنائية، ليتمم ما بدأه السلف الذين كانوا علامات مضيئة في تاريخ الأمة العربية والإسلامية، ونظن أن الفنان الخطاط النهري واحداً منهم.
لوحاته تجمع خاصية الرسم والتصوير الملون المُحاكية لجماليات الطبيعة، ومحمولة بدقة الخط وليونته، تدخل في ميادين النحت الصوّري لمتواليات الحروف، ومضامين العبارات الموصوفة والمكتوبة، كمصفوفات متوالية ومتناسقة في مسارات الأحرف وحركتها، محمولة بالتناظر والتكرار، ومجبولة على البنائية المعمارية لهندسة حروفها داخل إيقاع اللوحات، وتلمسها لسطوح الورق، لتخلق رؤى جمالية تعكس حالة التزاوج والعناق التشكيلي ما بين العناصر الرئيسة المتجلية بالعبارات، والخلفيات الملونة، والمتممة لروح النص وصوفيته، وإحالاته الرمزية، وطبيعته الوصفية.
لوحات جامعة للفكرة الواقعية المعبرة عن وجود الفلسطيني فوق أرضه المتمسك بحقوقه وووجوده وتقاليده وتراثه، ومقاومته المشروعة على جبهة الإيمان والثقافة، إنها ترسم معالم رؤى شكلية للمتلقي، وتأخذه إلى مساحة المتعة البصرية المقصودة، وتدفعه إلى اكتشاف قدرات العربي الفلسطيني على الفعل والتأثير في محيطه، من خلال بنيتها التركيبية ومعاني كلماتها المرصوفة، والموصولة بشكل ما أو بآخر بكلام الله، والمقولات والحكم والأمثال المدرجة فوق شفاه العرب الفلسطينيين جيلاً وراء جيل.
لوحات الخطيّة فيها خشوع فكري، وصلاة شكلية، تقف في محراب السطوح الحاضنة، تفعل فعلها الجمالي متعة وانبساطاً ذاتياً لدى عيون المتلقي وأحاسيسه، وتفتح نافذة واسعة على تجليات الإيمان، وحديث الروح والنجوى في الذات الإلهية كجمال مطلق الكلية. تسرد قصص الأنبياء والصالحين، وفي بعضها يعتمد على تشخيص الكائنات الحيّة في تكوينات تجمع أشتات السرد المعنوي للعبارات، والشكل الفني في تجريديته المفتوحة على قواعد الخط العربي وتجلياته.
رحلته مع الخط العربي…
بدأ اهتمام سعيد النهري بالحرف العربي بعد أن أنهى دراسته في كلية الفنون – قسم الجرافيك – في حيفا، وعاد إلى بلده ليعمل في تخصصه الذي أحب، ووجد أن العمل في فن الجرافيك يحتاج بكل قوة إلى الخط العربي… وهنا بدأ سعيه الدؤوب للبحث في تعلم الخط العربي… وحدث أثناء عمله في صحيفة “مرايا” الصادرة في القدس أن أجرت الصحيفة مقابلة مع الخطاط المرحوم محمد صيام… ففرح بهذه البادرة أشد الفرح، وتوجه إلى رام الله ليتعرف مباشرة إليه، حيث رحب به أجمل ترحيب، وتحدث إليه ونقل إليه رغبته في تعلم الخط العربي… وصار يتوجه إليه من حين لآخر ينهل من معينه الخطي الخصب لعام كامل… وقد بهره بتقدمه السريع حتى كان اليوم الذي أتاه بسبع لوحات تحوي مختلف الخطوط…
فتفاجأ من روعتها ودقتها وقال له: ” يا بني: لم يعد عندي ما أعلمك.” وأخرج ورقة وقال: “هذه إجازة مني لك، توكل على الله، فأنت من هذه اللحظة قد أصبحت خطاطاً”.., لقد كانت إجازة يفتخر بها، ويقول عنها: “شعرت كأني أُحمل على بساط الريح، وكأني ملكت العالم بأسره بهذه الإجازة”.
ولم يتوقف النهري عند ذلك، بل ومن خلال عمله وتجربته، بدأت تتبلور في داخله فكرة التجديد، ومحاولة تطويع الحرف العربي في الرسم الذي كان يعشقه. وبدأ يحاول في تجسيد فكرته هذه بكل صبر وأناة، وما أن نجح في كتابة أول لوحة مرسومة حتى ترك الرسم، وصار الخط العربي عشقه الأول والأخير.
وكان لمقولة الرسام الأسباني بيكاسو التي قرأها في إحدى كراسات الخطاط محمد حداد أكبر الأثر في زيادة هذا العشق، وهي: ” إن أقصى نقطه أردت الوصول إليها في فن الرسم، وجدت الخط العربي قد سبقني اليها منذ مئات السنين”. ويقول النهري عن ذلك: “لما قرأتها أصبت بالذهول والحيرة، نحن نجري وراء الغرب وفننا الجميل عندنا”.
بعدها، بدأ مرحلة جديدة في مسيرته، فقد صار يقتني المراجع والكتب الخطية، ما توفر له ذلك ومهما كلفه ثمنها، ليتعرف إلى بدايات الخط، ونشأته، وكيف تطور، وبدأ يبحث في أعلامه والخطوط التي تميزوا بها، وما سر هذا الوصول إلى التميز…
أما عن لوحته التي يحبها بشكل كبير، فهي: لوحة الحصان، وهي من أكثر اللوحات التي تعلق بها لأنها جسدت فكرته التي يبحث فيها، وهي: توظيف الحرف العربي ومطاوعته للرسم دون ترك الأصول، والتي هي جزء من صفاته الفنية، حيث يكره القيود، ويحب التجديد دائماً. حيث كانت هذه اللوحة المميزة، ولوحاته الأيقونية الأخرى الجواب الذي طالما بحث عنه. ناهيك على أنها قد نالت إعجاب كل من رآها في تجسيم ورسم التفاصيل العامة للحصان من خلال الحروف والشكل، وملء كل مكان بما يحتاجه من تفاصيل بالحروف…
ويحدثنا النهري عن رؤية رآها قبل تنفيذ لوحته هذه… ” إن الله فعال لما يريد إن كانت مشيئة العبد صادقة، فقد كثر دعائي وصلاتي ليلهمني الله في الخط ما لم يفعله غيري… وكانت الكرامة أنا شاهدت شيخي ومرشدي في التصوف الإسلامي في رؤية وسألني: “سأذهب إلى القدس يا بني غداً، فماذا أحضر لك هديه؟” فأجبت باستحياء: “أن تعود لنا سالماً يا سيدي”. فقال: “اطلب يا بني وما تتمنى سيصلك بإذن الله”. فقلت: “أتمنى أن تحضر لي شيئاً يخص الخط العربي”. فابتسم وأجاب: “إن شاء الله يا بني.” ثم اختفى… كان هذا قبل صلاة الفجر، فصحوت من نومي مبهوراً مستغرباً من هذه الرؤية… وجعلت أسبح الله وأحمده وأذكره كثيراً… ونمت بعد أن صليت الفجر، وإذا بي وأنا لا أدري، هل نائماً كنت أم صاحياً، أرى كأن الحروف تنزل علي من السماء كالمطر… وكلمح البصر رأيت أول لوحة وكانت لوحة الأفعى… لم اصدق النتيجة فتنفيذ اللوحة لم يستغرق أكثر من ساعتين، فقد أحسست نفسي مخدراً، وأحسست أن يداً خفيه تكتب بخفه ورشاقة عني… ما أن انتهيت منها، وإذا بلوحة أخرى تتابع أمامي، فصحت الله أكبر ماذا يجري؟ واستمر الوضع ثلاثة أشهر ونصف لم اخرج من مرسمي إلى أن أنهكني التعب، فكانت لوحة القنديل والكأس والمسبحة والطير والحصان والأفعى… وأجدني متعلقاً بهم جميعاً؛ لأني أشعر من خلالهم بمنة الله ونعمه التي لا تعد ولا تحصى والتي أغدقها علي، فله الحمد في العطاء والمنع.”
أما عن تأثره بعظماء الخطاطين الذين سبقوه فإنه يقول: “لا أذكر أنني تأثرت بأحد من عمالقة الخطاطين، والسبب أنني أسعى لأن أكون أنا لا غيري، ولي قاعدة أتخذها عنواناً لي، وهي ثقتي بأنه ما من أحد يستطيع ملء مكان الآخر في هذا الفن الخالد، وإن حاولت التقليد فسأكون نسخة مكررة ومقلدة، وهذا ما أعتقده يحصل مع كثير من الخطاطين الذين يجيدون رسم الحروف بتقنية عالية إلا أنهم نسخ مكرره من الآخرين، ولم يستطيعوا أبداً الخروج عن نطاق الدائرة والمربع والشريط الكتابي… وأجد أن كل من يتبنى فكرة أو طريقاً يصبح عبداً لها، ولا يستطيع التحرر منها، وهذا ضد قناعاتي الداخلية… ولكن لا يمنع ذلك أن أدرس وأتأمل ما يكتبه الأولون والسابقون بكل حب وحيادية، أتأمل الجمال في رسمهم وأفكارههم، إلا أنني لا آخذ بشيء منها لأني أريد لعقلي وقلبي ويداي أن يبقوا أحراراً في اختيار الأشكال والقوالب التي أستلهمها…
والحقيقة إن اعتقادي وإيماني العميق يتمحور بأنه إذا أردنا النهوض في الخط العربي وتجديده، فعلينا تطوير قدراتنا أولاً، وعلينا الخروج من الإطار تقوقعنا في داخله دون المساس بالقواعد وبإرث الأقدمين، بل ان نحاول قدر المستطاع أن نجعله سلماّ للارتقاء بهذا الفن إلى أعلي المستويات. ومما يشجعني على ذلك نصيحة غالية على قلبي وفكري من رجل صالح حكيم قال: ” يا بني ليس من الحكمة أن تأخذ برتقال وتربطه بخيوط وتعلقه في شجرك وتقول هذا برتقالي، فهذا عين الخداع والعقم، إنما الحكمة أن أرى ثمرك أنت فدعك مما عمله الأولين، والتفت إلى عطاء الله على كل عبد، فالله تبارك وتعالى يختص كل واحد بشيء في زمانه ومكانه، وتذكر يا بني أن الله عز في علاه يعطي اللاحقين ما لم يعطه للسابقين، فادع الله أن تكون أنت ممن أجزل الله لهم العطاء، في اللاحقين ولن يخذلك أبداً”.
أما طموحه الشخصي: فهو يطمح أن يكون أحد هؤلاء الذين يتركون بصمة واضحة في مجال الخط العربي خدمة للقرآن ليذكرهم اللاحقون، وأن يستطيع إظهار جمال الآيات القرآنية بأسلوب مبتكر من خلال الحرف العربي.
أما عن طموحه العام: فهو يقول عنه: ” عهد قطعته على نفسي أن أنشر هذا الفن السامي بين العرب في بلادنا، لأنه هويتنا التي لم ولن تسلب، وهو الذي يربطنا بالإسلام والقرآن والتاريخ وإخواننا في الدول الإسلامية رغم الحواجز والحدود. فبدأت بتدريس الخط العربي للأجيال الشابة في عدة مدن وقرى، وإقامة معارض متنقلة وإعطاء المحاضرات في المدارس والمؤسسات المختلفة، كما عملت على إقامة صالة عرض دائمة للخط العربي في مدينتي سخنين بمساعدة بعض الجهات الرسمية، كما أعمل على التحضير لإقامة مكتبة خطية كبيرة، ومتحفاً للخط العربي من خلاله، وقد باشرت بتوثيق لكل المعالم والبنايات والمساجد وشواهد القبور في كل المناطق لتكون شاهداً للأجيال القادمة. كما أتمنى أن يتم العمل وبأسرع وقت ممكن لتأطير الطاقات الشابة من محبي الخط العربي ضمن جمعية أو رابطة لتكون مرجعاً لمن أراد التعرف إلى هذا الفن العظيم، وعنواناً تتوجه إليه كل الجهات المهتمة بالخط العربي لإقامة معارض خطاطينا، أدعو الله عز وجل أن يوفقني إلى بلورة أفكاري هذه لتصبح حقيقة..”.
أما عن الصعوبات التي يواجهها كخطاط وتواجه هذا الفن بشكل عام، فهي كما يقول: “قلة وعي العامة لفن الخط، الأمر الذي يؤثر سلباً على فهم هذا الفن، وتعيق انتشاره. أضف إلى ذلك عدم اكتراث المؤسسات المختلفة في بذل الجهد للحفاظ على ما تبقى من معالم خطيه، تكاد تندثر وسط زحف العمارة الحديثة، وسياسة الهدم التي تتبعها السلطات الإسرائيلية التي تسعى لطمس أي معلم إسلامي. فمما يدمي القلب أن نرى بعض المساجد في القرى المهجرة قد تحولت إلى نوادي ليلية، وبارات، وصالات للرقص تحت سمع وبصر الجهات المختصة التي لا تحرك ساكناً اللهم إلا من القلة التي لا نكاد تسمع أصواتها المبحوحة. أضف إلى ذلك هناك صعوبة التواصل مع العالم الإسلامي، فكل خطاط من فلسطينيي المناطق المحتلة عام 48 يحلم بعرض أعماله في أحد العواصم العربية، أو أن يُدعى للمشاركـة في المعارض والمهرجانات الدولية المتخصصة بهذا الفن إلا أننا نجدأنفسنا محاصرين تحول بيننا الحدود، وتكبلنا السياسات.
لكن لا تزال عزيمتنا قوية راسخة، وإذا حصل أن دعيت لمثل هذه المحافل فلن أتردد في بذل الغالي والرخيص للوصول والتواصل مع إخواننا الخطاطين في الدول العربية والإسلامية.
بالإضافة إلى ما سبق: فإن قلة صالات العرض في المدن والقرى العربية مع ما كل تحمله من المحسوبيات وحسابات الربـح والخسارة من وراء ذلك… لهي أكبر عائق أمام الاستمرار في نشر رسالة هذا الفن الخالد. لذلك أدعو الله عز وجل أن ييسر لهذا الفن الخالد من يرعاه ويحميه من عبث العابثين ليستمر قوياً عظيماً كما ينبغي له أن يكون.
وعند سؤاله عن الجوائز التي حصل عليها خلال مسيرته المظفرة، أجاب: “لم تغريني الجوائز أبداً، لأنها ليست هدفي في الحياة وفي عالم الخط، وباعتقادي – قد أكون مصيباً أو مخطئاً- أنها فقط لإرضاء الغرور الداخلي للخطاط. وباعتقادي أن مكافأة الفنان الكبرى هي بانتشار عمله، وترك بصمة مؤثره في مجال فنه ليشهد له التاريخ أنه أخلص وأجاد وقدم رسالة سامية للأجيال اللاحقة. والحق يقال أنه ربما ينتفع الفنان أو الخطاط من الجائزة مادياً ومعنوياً، ولكن تبقى الأسئلة المهمة التالية: ماذا انتفع الناس؟! وهل كل من حصل على جوائز استحقها بجدارة؟ وهل للجمال معايير ثابتة؟
فأنا أرى أن المعيار الثابت والذي لا يتغير هو ما يقع في قلوب الناس ويستحسنوه ويحبوه، ويعيش معهم وفيهم إلى الأبد.
لذلك لا ولن أسع لهذه الجوائز، ويكفيني أن أن تكون جائزتي هي العمل الصادق، الخالص لوجه الله، المؤمن بقول الله تبارك وتعالى: “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين”.
شارك سعيد النهري خلال مسيرته الفنيه في الكثير من المعارض في المناطق المحتلة 48 وخارجها، منها:
1992 معرض كاريكاتير في المركز الثقافي الفرنسي – الناصرة
1992 معرض في بلدة برطعة – ضمن جمعية إنسان
1993 معرض في دبورية
1994 معرض كاريكاتير – مسرح حولون (مشترك)
1994 معرض في بيت ابا حوشي –حيفا
1995 معرض في لشبونة – مشترك
معرض في مدرسة – تيخون ليئوبك – حيفا
معرض في بودابست
معرض مدريد ضمن الرابطة مشترك
1995 معرض في وادي النسناس حيفا – فلافل نجلا
1996 أقام دار الخط العربي في سخنين بمشاركة قسم السياحة في بلدية سخنين
1996 معرض في صالة العرض ترشيحا
مشاركة جمعية إبداع في – المركز الجماهيري كفر ياسيف
2000 معرض مشترك في جاليري عل هتسوك – نتانيا – مع دكتور دوريت كيدار وموشي بن شوشان
2001 مشاركة في معرض يوم الأرض – المركز الثقافي البدي الناصرة
معرض كاريكاتير المركز الثقافي الفرنسي – الناصرة (وحيد)
معرض في قاعة ميس الريم – عرعره – ضمن التواصل الثقافي مع السلطة الفلسطينية
معرض في قلعة ديوان اللجون – ام الفحم – غسان عباس ( وحيد )
2002 مسرح حولون – مشاركه في معرض جودة البيئه – كاريكاتير
2003 مشاركه في معرض الشارقة الدولي
2004 بيت بيرل – معرض وورشه للخط العربي بمشاركة الخطاط اليهودي المصري يوسف وهبه
2006 جاليري طمره البلدي معرض للخط العربي – مشترك
2008 المركز الثقافي البلدي سخنين – للخط العربي
جمعية المحافظة على الديمقراطية – عسفيا
جمعية إبداع – رابطة الفنانين التشكيليين العرب في إسرائيل – كفر ياسيف – خط عربي
بالإضافة إلى تقديمه المئات من المحاضرات في مجال الكاريكاتير والخط العربي في الكليات العربية واليهودية والمدارس والمؤسسات الاجتماعية هدفها التعريف بهويتنا الثقافية والسياسية في البلاد.
بعض ما قيل عنه:
= التخطيط بالرسم أو الرسم بالخط/ هاني عبد العال (برلين)
الأستاذ سعيد النهري رسام بارع وخطاط مبدع.. فهو يستغل قدراته الفنية في الرسم والخط لعمل لوحات جميلة لها طابع مميز.. فهو دائماً يعبر عن فكرة جديدة في كل لوحة من لوحاته.. بحروف جميلة أصيلة وخيال الرسام الخصب تخرج لنا لوحات الاستاذ سعيد لتكون لحن موسيقي جميل تطرب له قلوبنا وأعيننا.. دعواتي له بدوام الصحة والعافية والمزيد من التوفيق والابداع
= سعيد النهري.. المتميز والمتجدد/ خالد الصحصاح (مصري مهاجر بالولايات المتحدة ومهتم بالفنون العربية)
في كلمات بسيطة وليست سطوراً، كما عودنا الفنان سعيد النهري في معظم أعماله. الحرف والكلمة والبناء للعمل ليسوا وحدهم هم العناصر الفعالة خاصة في أعمال الخط العربي، لكن الفكرة والقول والمغزى هم الأساس الجوهري الذي يلفت إنتباه متابعي الفنان سعيد النهري، وهم بالآلاف وأنا أحدهم. أنتظر كل جديد منه وأنشره ولاأكتب عنه لأنه وحده ينطق، ويصل لي ولكل متلقي. أنا لم أقابل الفنان ولاأعرفه شخصياً لكني من محبي وناشري أعماله. ولم أجد من جدد في تشكيله للخط وإن كان هناك العديد ولكل منهم أسلوبه المميز، والفنان سعيد النهري أحد هؤلاء القلائل في زماننا هذا.
= الجذور/ الخطاط محمد قراقع (بيت لحم)
سادتي واحبائي الخطاطين الكرام ثوار الخط العربي.. أحييكم جميعا ولست بأفضلكم.. لسنا اليوم في باب التعليق على أعمال فنية بقدر ما نحن أمام ظاهرة لها أبعادها وزواياها الخاصة.. تلك ظاهرة الفنان المتجذر سعيد النهري.. فقد قيض الله لهذه الامة ربيعاً وعهداً جديداً من الثورات، وجند الله لها جنودا لا يعلمها الا هو سبحانه.. وقد قيض الله امتدادا لتلك الثورات هذا الخطاط الباسل ليكون رائد الثورة في الخط العربي ويشكل ربيع الخط العربي في عصر طغيان الحاسوب. فجاء هذا الفنان الفذ ليعلن مولد فلسفة جديدة في تكوين الحرف العربي، ويستقطر من عنب الحرف العربي نبيذاً طاهراً حلالاً يسلب به عقولنا. هذا الفنان الظاهرة مد جسده العملاق جسراً بين الماضي والحاضر في ربط قوي بين الجذر والأوراق.. سعيد النهري بفنه بشر بولادة قاموس جديد من نوع خاص. فيه تترجم الحروف والعبارات إلى لوحة يتم فيها التبادل العظيم بين معطيات الحواس البشرية.. فأنا حين أنظر إلى أي لوحة فنية للنهري.. أسمع بعيني صوت التاريخ وصهيل الخيول وجموح القبائل.. وأرى بعيني حركة التاريخ وهي توطد أركان الدين.. وأشم بيدي تراب الارض وملح البحر في أمواج تبتلع فرعون وتلطم ذات الصواري.. أتذوق بماء عيني الناظرة إلى اللوحة النهرية شهد الانتصار ومرارة الارتداد.. تبادل كبير بين الحواس صنعه المبدع فاستحق ان يتوج كرائد لثورة الخط العربي والذي كتب فأبدع، وأطعم العين فأشبع، وضرب وجوه من أرادوا دفن الخط العربي فأوجع، ووحد بين الخطاطين في لوحته فأجمع، فباركه يا رب لأنه حمل رسالة الخط وأسمع، ولا تجعل عينيه الا من خشيتك تدمع، وبارك الله فيمن صلى على النبي وأتبع.
= ابداع متواصل/ محمد كاظم الخطاط (العراق)
الأستاذ الفنان سعيد النهري مرحلة ابداعية متفردة في مجال التكوينات الخطية، ورسم الخيال في طواعيته للحرف، وعيش حالة اللوحة في ترنيمات موسيقى أعماله الفنية بتناغم الفكرة مع الحرف بصورة يقرئها الناظر بعين الدهشة لروائع هذا النهر الذي لا ينضب والصورة التي ينسجها في لوحاته بإبداع وتعبير جمالي ومقروئية مع المحافظة على ميزان الحرف بطواعية ملئه لفضاء اللوحة بتنسق وتوزيع فني ينسجم مع الفكرة التي يريد ايصالها.
= هكذا أرى النهريّ/ الخطاط عمر الجمني (تونس)
لم يزدهر خط الثلث مثلما ازدهر في عصرنا الحالي، وأصبح في غاية الجمال من قبل روّاد معاصرين أصفهم بالعباقرة، ولا خوف مستقبلا على هذا النوع القوي من الخطوط العربية في صفته الحالية أكان ثلثا أو جلياً.. لكن بدأ الأمر يأخذ مجراه الطبيعي و بدأ يفقد بريقه ولم يعد مثيرا للانتباه، مهما كان مستوى اللوحة فنياً وبدأ يتجه نحو الركود.. لكن هناك من المبدعين الخطاطين لم يتوقفوا عند هذا الحد، فأصبح همهم الوحيد هو كيفية الخروج من “المأزق” التقليدي الجميل إلى فضاء أرحب دون المساس بهذا الإرث العظيم، ودون تشويهه باعتباره من مقومات حضارتنا الاسلامية.. هي معادلة صعبة جدا.. لن يستطيع فك رموزها إلا من كانت له ملَكة في رؤية الأشياء بمنظور مغاير، وروح التجديد في طبيعة تفكيره… من ضمن هؤلاء الخطاطين أستاذنا العزيز سعيد النهري الذي استطاع اختراق هذه المعادلة، وجعل من أقوى الخطوط العربية أسلوباً خاصاً به تستطيع قراءة لوحته بصرياً قبل النص، وجسّم الآيات القرآنية بتناغم مع خط الثلث، وتلتمس التسلسل والتدرج نحو الأفضل من عمل الى آخر حتى ان عاد من المفاجآت و الطرافة التى لا تخطر على البال في تركيبة ومنظومة ابداعية لا توجد مثلها تراه يتناغم مع محتويات الآيات القرآنية المختلفة والمتنوعة و الغزيرة، والسر هنا هو ان تجد من خط الثلث أدوات و مفردات تعبر عن الآية مباشرة و بكل بساطة ودون تعقيد ولا فلسفة هي النقطة الأساسية والسهل الممتنع بل الممنوع قطعا إلا من وهبه الله عز و جل من عباده فإنه هو العزيز القدير..
= ما لا يوجد في البحر/ محمد العربي (تونس)
السيد سعيد عملاق وجديد من الجيل المتشبع بالاصاله والتحديث، ومولع بالتشكيل والمحافظ على آي الله من التكدير شكلا ومضمونا، هو ماض في دغدغتنا وفتح بصائرنا الى منحى خطي جديد للحرف يعتبر ان شاء الله مدرسة للناشئين المولعين بأصالة الخط العربي، نتطلع كل مرة الى جديده ولا نتذمر، تهفو أرواحنا العطشى الى نفحات نسيم خطه اللؤلؤي و لا نتكدر، هو يخلق ما يعجز عنه القلم وحده بل بأنامله اللولبية السحرية يأبى الا أن يخطف ألبابنا بسحر حروفه ووضعها بموضع التأمل والتفكر بحيث لاننساه.
* من إبداعات الأستاذ سعيد النهري …